القطاع الزراعي في عصر الإنحطاط... ولا توجد وزارة مسؤولة - جريدة الجمهورية - مايان ناصيف

 - Jun 24, 2017



 لكل شيء في لبنان مواسم، عندما يمضي الموسم، ينسى الناس الموضوع وينتقلوا إلى آخر. لذلك، لا يتكلم اللبنانيون عن موضوع الزراعة منذ فترة، رغم المشاكل الكثيرة التي يعاني منها القطاع، لأن الدولة لا تعطي أهميّة لمسألة معيّنة إلّا بعد أن تقع الأزمة.

يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية، إذ إن البلد الذي يملك إكتفاء ذاتياً من القمح يعتبر بلداً غير خاضع للغير، لكن هذا القطاع مهمل في لبنان، وترتفع صرخات المزارعين مع إقتراب كل موسم نتيجة عدم وجود أسواق تصدير وكساد المواسم.

يُساهم القطاع الزراعي بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمّن دخلا لحوالي 15% من السكان. ولكن، ولّت أيّام الأمير فخر الدين والإزدهار الزراعي الذي شهدناه في أيّامه، فقد تراجع هذا القطاع بشكل ملحوظ لأنّه يعاني من مشاكل عدّة منها: كساد المواسم، الإستيراد للمواد الغذائيّة غير المدروس، عدم تقديم التعويضات للمزارعين عند الخسارة، تقلّبات المناخ غير المتوقّعة، غياب الآلات والتكنولوجيا المتطوّرة والحديثة واستخدام الطرق التقليديّة، غياب التوعية والإرشاد، ممّا يؤدّي إلى استعمال غير مدروس للأسمدة، التلوّث الكبير بسبب أزمة النفايات المنتشرة وبسبب المعامل، كما أن الموارد الطبيعية محدودة في لبنان وهي لا تُستخرج للإستهلاك المحلي.

ما زاد الطين بلّة توقف ما يقارب 85% من الصادرات الزراعية اللبنانية التي كانت تُصدّر الى الاسواق الخارجية عن طريق البر بالشاحنات المُبردة التي تعبرُ الحدود السورية الى العراق والاردن والسعودية والكويت وغيرها، بسبب الاحداث الدامية في سوريا. بالإضافة إلى تعرّض بعض الشاحنات المصدّرة للمنتجات اللبنانية إلى اعتداءت لنيران مسلّحين ولسلب المنتجات.

معاناة المزارعين

بعد التكلم مع رواد سماحة، مدير شركة «خيرات لبنان» التي تجمع المنتجات اللبنانيّة من جميع المزارعين اللبنانيين في جميع المناطق وتقوم بتصديرها إلى البلاد العربيّة بكميّات هائلة، توضّحت تحديدا المشاكل التي تشكّل عوائق تقدّم القطاع الزراعي اللبناني.

كشف سماحة لـ«الجمهورية» أنّ أهم ما يضر الزراعة اللبنانية هو الإستيراد غير المدروس؛ اذ تعبر الحدود اللبنانيّة منتوجات غير محلّيّة كالبطاطا المصريّة أو البندورة بأسعار منخفضة بسبب الكميات الكبيرة المستوردة، رغم وجود هذه المنتوجات عند المزارعين اللبنانيين بجودة أفضل ولكن بأسعار أعلى. هكذا، تباع المنتوجات غير المحلّيّة وتكسد المنتجات الوطنية! إذا على الدولة إقامة دراسة سنوية عمّا هو متوفّر من منتوجات لبنانيّة لعدم استيراده، ومعرفة ما يعجز السوق اللبناني عن تأمينه واستيراده.

هكذا تحل هذه المشكلة. ثانيا، غياب دعم الدولة للمزارعين والشركات المصدّرة يصعّب الوضوع. يجب على الدولة تقديم المساعدة والتسهيلات على الحدود والمطارات وإبراز وجودها بالدعم والسماح للمزارعين بالتصرف بحرية أكبر عند نقل البضاعة وتوضيبها طبعا ضمن القانون. وأيضا أشار الى أن الأوضاع الأمنيّة تؤثّر بشكل كبير على عملهم، مثلا تحسّن العمل كثيرا بعد انجاز انتخابات رئاسة الجمهورية العام الماضي.

دور الدولة

عن مشكلة الإستيراد غير المدروس التي يعاني منها المزارعون، حاولنا التحدّث الى الوزراء والمختصّين.

وزير الزراعة غازي زعيتر ولدى سؤاله عن دور وزارة الزراعة في حلّ مشكلة الإستيراد غير المدروس، رفع المسؤولية عن وزارته، موضحا ان هذه المهمة هي من مسؤولية وواجب وزارة الإقتصاد وليس وزارة الزراعة. واكتفى بهذا التوضيح.

من جهته، أكد وزير الإقتصاد والتجارة رائد خوري، لـ«الجمهورية» أنّه يجب تطبيق سياسة زراعيّة محددة نفتقدها اليوم. سياسة توجّه المزارعين وترشدهم مثلا في اختيار الأسمدة الواجب استعمالها لتحسين النوعيّة بهدف تصدير هذه المنتوجات المكسّدة إلى الخارج.

وردا على سؤال عن عدم قدرة لبنان تطبيق سياسة تحدّد ما يجب استيراده وما يمكن تأمينه من المزارعين اللبنانيين لتجنّب الكساد، أقرّ الوزير بأنّ على المزارعين تزويد الدولة بالإحصاءات التي تحدّد أيّام المواسم الزراعيّة المزدهرة في لبنان والمواسم التي تعجز عن تأمين حاجة المواطنين الكاملة: «أي إعلامنا بقولهم أن هذا الشهر يمكننا تأمين الكميّة الكافية أمّا في هذا الشهر المعيّن فعلينا الإستيراد. ونحن نطبّق بحسب أقوالهم!»

وأخيرا، أوضحت المديرة العامّة لوزارة الإقتصاد والتجارة عليا عبّاس لـ«الجمهورية»، أنّ المنتوجات المستوردة تباع في العادة بكلفة أعلى من المحلّيّة بسبب تكاليف الشّحن والتبريد إلّا إذا وصلت عبر المعابر غير الشرعيّة عن طريق التهريب، والوزارة غير مسؤولة عن هذه المعابر. وبالنسبة لها المشكلة الأكبر اليوم هي عدم القدرة على التصدير البرّي بسبب إغلاق الحدود السوريّة.

وأشارت الى أنّ هناك برامج دعم لكل من يصدّر منتوجات زراعيّة أو صناعيّة من قبل شركة «إيدال» بسبب وقف النقل البرّي ما أدّى إلى ارتفاع كلفة النقل البحري. أيضا، أشارت الى رزنامة زراعيّة محدّدة، ولا نستطيع إدخال أي منتج زراعي إلّا عبر وزارة الزراعة، ذلك ان وزارة الإقتصاد لا تتعاطى على المعابر الحدوديّة مع أي من المنتوجات الزراعيّة؛ فإعطاء إجازة دخول أو رفض الإستيراد للمنتوجات الزراعيّة، من صلاحيّة وزارة الزراعة.

إذا تطبيق هذه الرزنامة بطريقة صحيحة هو عمل وزارة الزراعة فقط، أمّا وزارة الإقتصاد، فتساعدها بالرقابة بعد دخول المنتوجات الأسواق اللبنانيّة لتفادي المشاكل وضبط الأسعار.
 
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة