مداخلة الدكتور غازي وزني   -  الاقتصاد بين التبعات والتحديات

    الحركة الثقافية انطلياس        

            أدخلت استقالة الرئيس الحريري البلاد في ساحة الصراعات الاقليمية، وفي توتر العلاقات اللبنانية السعودية، وفي أزمة سياسية ودستورية عميقة ترحيلهم.

 - Dec 06, 2017



  

الاقتصاد بين التبعات والتحديات

           

            أدخلت استقالة الرئيس الحريري البلاد في ساحة الصراعات الاقليمية، وفي توتر العلاقات اللبنانية السعودية، وفي أزمة سياسية ودستورية عميقة كما أظهرت الاستقالة هشاشة عناصر النمو الاقتصادي (السياحة، الاستثمار، الصادرات) بسبب ارتباطها بالخارج لاسيما الدول الخليجية، ومخاطر مصادر التدفقات المالية (حوالي 58% من اجمالي التحويلات وجزء من الاستثمارات الاجنبية المباشرة من دول الخليج)، وهشاشة وضع اللبنانيين المقيمين في منطقة الخليج (حوالي 500 الف) المتخوفين دوما من ترحيلهم.

تظهر تبعات استقالة الرئيس الحريري على الشكل التالي:

1- التبعات الاقتصادية والمالية للاستقالة:

          - قلق اقتصادي: خلقت الاستقالة أجواء قلق وعدم يقين انعكست بشكل رئيسي على الاستهلاك، وعلى       قطاعي السياحة والتجارة وزادت من جمود القطاع العقاري ما يجعل النمو الاقتصادي في العام الحالي      ضعيفا لا يتجاوز 1% وفي العام 2018 ضبابي وضعيف.

          - طلب في سوق القطع: أدت الاستقالة الى طلب مقبول وممسوك في سوق القطع على الدولار، طلب       لا يهدد الاستقرار النقدي. يعود ذلك الى التعاطي الهادئ والحواري للقوى السياسية، الى التدابير   الاستيباقية لمصرف لبنان، الى الموجودات الضخمة لديه بالعملات الاجنبية البالغة حوالي 43    مليار دولار، الى الدور الايجابي للقطاع المصرفي بتعاطيه مع الازمة اضافة الى السيولة    المرتفعة لديه بالعملات الاجنبية، الى خبرة لبنان في تخطي أزمات اكثر خطورة منها في السنوات         الماضية، الى الهندسات المالية لمصرف لبنان...

            - ارتفاع معدلات الفوائد على الدولار والليرة: يعود الى أجواء عدم اليقين، وزيادة المخاطر، والخوف       من خفض التصنيف الائتماني السيادي ومن خروج الودائع، وشح السيولة بالليرة اللبنانية لدى         المصارف (حوالي 10 مليار دولار)، واغراء المودعين بعدم تحويل ودائعهم بالليرة الى الدولار.

          ينعكس ارتفاع الفوائد سلبا على كلفة الدين العام، وكلفة اقتراض القطاع الخاص، ويؤثر على النمو          الاقتصادي.

 

          - تحذيرات وكالات التصنيف الدولية: حذرت الوكالات من تراجع التصنيف الائتماني في حال طال        الجمود السياسي. تربط الوكالة التحذيرات بالمشكلات السياسية وليس المشكلات المالية والنقدية.

          - هبوط الاسواق المالية: هبطت اسعار السندات الدولية (اليوروبوند) وارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية.

2- تبعات الاستقالة على العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية:

-1-

تراجعت هذه العلاقات بشكل قوي في السنوات الماضية وتظهر على الشكل التالي:

          - السياحة: تراجع عدد السياح من 192 الف سائح عام 2010 الى 40.4 الف سائح عام 2016    بتراجع نسبته 79%. تشكل السياحة السعودية 2.39% من اجمالي السياح.

          تجدر هنا الاشارة الى ان السياحة الخليجية بلغت في العام 2016 حوالي 93 الف سائح ونسبتها    5.5% من اجمالي السياح.

 

          - التبادل التجاري: بلغت 660 مليون دولار في العام 2016 منها 288 مليون دولار للصادرات   مشكلة 9.7% من اجمالي الصادرات و 372 مليون دولار للواردات ما يشير الى ان العجز في       الميزان التجـــاري بلـــغ 84 مليون دولار.

          تجدر هنا الاشارة الى ان الصادرات الى منطقة الخليج بلغت في العام 2016 حوالي 871 مليون دولار ونسبتها 29.4% من اجمالي الصادرات وبلغت الواردات 1274 مليون دولار وسجل     الميزان التجاري عجزا بقيمة 403 مليون دولار.

 

            - تحويلات اللبنانيين: بلغت حوالي 1.5 مليار دولار وشكلت حوالي 20% من اجمالي التحويلات          البالغة 7.5 مليار دولار.

          تجدر هنا الاشارة الى ان التحويلات الخليجية تشكل 58% من اجمالي التحويلات وتبلغ 4.350 مليار دولار.

 

          - الاستثمارات السعودية في لبنان: تبلغ حوالي 5.3 مليار دولار في قطاعات السياحة والعقار       والمال... وتشكل 35% من اجمالي الاستثمارات العربية البالغة 15 مليار دولار. تجدر الاشارة هنا          الى ان الاستثمارات السعودية شهدت منذ العام 2012 جمودا وتراجعا لاكثر من 45%

            - سحب الودائع السعودية من لبنان: تبقى تأثيراتها محدودة لان المملكة العربية السعودية سحبت في        السنوات الماضية كامل وديعتها من مصرف لبنان البالغة مليار دولار، ولان ودائع السعوديين تبقى          ضعيفة اذ لا تتجاوز 1% من اجمالي الودائع اي اقل من 1.5 مليار دولار.

          تجدر هنا الاشارة الى ان الودائع غير المقيمة تشكل 20% من اجمالي الودائع ما يعــادل حوالـــي 34 مليار دولار.

         

3- التبعات السياسية للاستقالة اقتصاديا:

          - تأجيل مؤتمر باريس 4 في العام 2018 الذي كان يراهن لبنان عليه للحصول على الدعم بقيمــة          16 مليار دولار.

          - عدم إقرار مشروع موازنة العام 2018: يعود لبنان الى الانفاق على القاعدة الاثني عشرية اي من        دون انضباط مالي ونتوقع ان يبقى العجز مرتفعا في العام المقبل بما يقارب المستويات الحاليــة اي     9% من الناتج المحلي.

-2-

          - تعطيل دور لبنان في إعادة إعمار سوريا بسبب إنعدام الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي

          - تعقيد عودة النازحين السوريين ما ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي      لاسيما ان كلفة النزوح السنوي على الاقتصاد يصل الى 4.5 مليار دولار

          - تجميد ملف تلزيم النفط والغاز": تجمّد الاستقالة عملية التلزيم مع الكونسرتيوم للبلوكـان 4 و 9 قبل نهاية العام وان تبدأ عملية التنقيب في أواخر العام 2018.

التحديـــات الاقتصاديـــة:

1- تباطؤ قوي في النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي: يتوقع صندوق النقد الدولي ان يتراجع نمو الناتج المحلي في غالبية الدول الخليجية من 2% في عام 2016 الى 0.9% في العام الحالي وان يطال التراجع بشكل رئيسي الامارات المتحدة العربية من 3% الى 1.3%، السعودية من 1.8% الى 0.1%، الكويت من 2.5% الى انكماش اقتصادي مقدّر 2.1%.

يتوقع صندوق النقد الدولي ان يتسارع مجددا النمو الاقتصادي في دول الخليج في العام 2018 ليبلغ 2.5%.

 

2- قانون العقوبات الاميركية على حزب الله: يعتبر القانون ملزما للقطاع المصرفي حفاظا على بقائه في المنظومة المالية العالمية، وعلى سلامته، وعلى مدخرات مودعيه، وعلى علاقاته مع مراسليه لاسيما ان الاقتصاد اللبناني مدولر على صعيد ودائعه (65%)، إستيراده (70%)، تسليفاته (70%)، تحويلات المغتربين (اكثر من 90%)...

يقيـّد القانون نشاط القطاع المصرفي اذ يؤثر على التدفقات المالية الوافدة وعلى حجم العمليات المالية والتجارية بسبب الرقابة والتدقيق المتشدّد كما يزيد من أعباء القطاع بسبب إضطراره الى إنشاء دائرة إمتثال لديه.

إستطاع لبنان في العام الماضي إحتواء تبعات قانون العقوبات بفضل تعاميم مصرف لبنان وتفهّم الخزانة الاميركية لخصوصية الوضع الاقتصادي والسياسي والامني الداخلي ولن يتطلب قانون العقوبات الجديد اتخاذ مصرف لبنان تدابير اضافية.

 

3- التدهور في المالية العامة: نتوقع ان يبقى العجز مرتفعا ومقلقا في الموازنة العامة في العام الحالي وان يتجاوز 9.5% من الناتج المحلي اي اكثر من 5 مليار دولار بسبب الزيادات في انفاق الرواتب والاجور والانتخابات وخدمة الدين العام كما نتوقع ان يزيد الدين العام حوالي 7.5% في العام الحالي ليصل الــــى 80 مليار دولار مشكلا من 147% من الناتج المحلي.

يؤدي الوضع المقلق للمالية العامة والمتنامي للدين العام الى خفض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للدولة اللبنانية ما ينعكس سلبا على التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي المنكشف بشكل كبير على الديون السيادية بقيمة 33.4 مليار دولار ونسبته 43.25% من اجمالي الدين العام وسلبا على معدلات الفوائد.

 

 

 

-3-

         

4- إرتفاع معدلات الفوائد في الولايات المتحدة: يتأثر سوق الفوائد على الدولار في لبنان بسياسة الرفع التدريجي للفوائد في الولايات المتحدة من قبل المصرف الاحتياطي الفدرالي حيث نتوقع ان تصل معدلات الفوائد في الولايات المتحدة الى ما بين 1.25% و 1.50% في نهاية العام الحالي والى ما بين 1.75% و 2% في نهاية العام 2018.

5- أسعار النفط عالميا: تؤثر أسعار النفط على اقتصادات الدول النفطية لاسيما دول مجلس التعاون الخليجي اذ تشكل العائدات النفطية في المتوسط 46% من عائداتها و 75% من صادراتها.

تبقى توقعات اسعار النفط في العام 2018 حذرة ولكنها ايجابية اذ نتوقع ان تفوق اسعارها 55 دولار للبرميل نتيجة استمرار التفاهمات بين دول الاوبيك وروسيا بخفض انتاجها بواقع 1.8 مليون برميل يوميا.

يستفيد لبنان من إنخفاض أسعار النفط على صعيد عجز المالية العامة وعجز ميزاني التجاري والمدفوعات ولكنه يخسر على صعيد تباطؤ العلاقات الاقتصادية والمالية مع الدول المنتجة للنفط، وتحويلات اللبنانيين العاملين في هذه الدول.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-4-

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة