معمل دير عمار2: اتفاق مريب - جريدة المدن - جنى الدهيبي

 

 - Sep 22, 2018



 مع تفاقم أزمة الكهرباء، عاد النقاش في شأن معمل دير عمار 2، الذي يبدو مصيره ضبابياً، رغم القرار الفجائي والصادم الذي أعلنه وزير الطاقة سيزار أبي خليل في آخر جلسةٍ للحكومة في 21 أيار 2018، بأن العمل على إنشاء المعمل سيبدأ في نهاية العام الحالي، ليطوي بذلك 5 سنوات من التعطيل.

هذا المعمل، الذي كان يُفترض بناؤه في العام 2013، وأن يتصل بالشبكة في العام 2015، كي يزوّد لبنان بـ550 ميغاوات من الطاقة الكهربائية من الشركة اليونانية J AND P AVAX، بعدما توصلت إلى اتفاقٍ مع الحكومة. وذلك، مقابل تولي الشركة تأمين تمويل وتشغيل وصيانة المعمل لـ20 سنة مقبلة، قبل أن تعود ملكيته للدولة. ووفق الاتفاق، تشتري كهرباء لبنان الطاقة المنتجة من هذا المعمل بسعر 2,95 سنتاً للكيلواط، على أن لا يشمل هذا السعر الثابت، كلفة الغاز، مقابل أنّ تحمل الدولة على عاتقها شراء المحروقات. ووفق هذه المعادلة، تستبدل الحكومة عقدها مع الشركة من صيغة EPC (تنفيذ المعمل لمصلحة الدولة)، إلى صيغة BOT. ما يعني تنفيذ المعمل وبيع القطاع الخاص الطاقة للدولة لفترة محددة، قبل أن تنتقل ملكيته إليها في نهاية هذه الفترة، أيّ 20 عاماً.

ما ثمن ذلك؟ موافقة الحكومة على هذا العقد الذي لم يُوقّع بعد، ستكون بالتزامن مع تنازل المتعهد عن دعوى التحكيم المرفوعة في الولايات المتحدة ضدّ الدولة اللبنانية. ويُقابلها موافقة الحكومة اللبنانية على مصدر التمويل، إلتزام المتعهد بالمواصفات الواردة، في دفتر الشروط، علماً أنّ انجاز هذا المعمل وربطه بالشبكة، قد يستغرقا أكثر من سنتين. لكن السؤال الأهم، هو كيف قضى هذا الاتفاق المريب، الذي جاء خلسةً، على سنوات التعطيل بحجة أزمة الضريبة على القيمة المضافة TVA، وتقاذف الاتهامات بين وزارتي الطاقة والمالية في ذلك الوقت؟

عمليّاً، أسقط الاتفاق الجديد مشكلة TVA التي قامت عليها أزمة تعطيل إنشاء المعمل. ورغم إرسال الشركة للدراسات والفواتير عن خسارتها جراء تعطيل عملها من جهة، والخلاف في شأن TVA بين وزير الخارجية جبران باسيل، وهو عراب المشروع حين كان وزيراً للطاقة، وبين وزير المال علي حسن خليل من جهة أخرى، بقيت النتيجة واحدة: حرمان المواطنين من 5 ساعات إضافية من التيار الكهربائي خلال 5 سنوات. ما كبّد الدولة خسائر مباشرة وغير مباشرة بملايين الدولارات.

دير عمار تشترط: لا للضرر البيئي
النائب السابق كاظم الخير، الذي كان النائب الوحيد الذي صوّت ضدّ إقرار مشروع معمل دير عمار 2 في العام 2011، يضع المعيار البيئي أولاً. وفي حديث إلى "المدن"، يشير إلى أنّ القانون 181 الذي أعطى وزارة الطاقة حينذاك مليار و200 مليون دولار أميركي (الذي صرف لاحقاً) بهدف إنشاء معامل كهرباء، من ضمنها معمل دير عمار، صوّت ضدّه "لأنه لم يراعِ ضمان المراقبة والمناقصات الشفافة، ولم يأخذ البيئة بعين الاعتبار".

الانعكاس البيئي السلبي، وفق الخير، ينتج عن استعمال المعمل أسوأ أنواع المحروقات والفيول. فـ"في حوزتي تقرير لوزارة البيئة، يشير إلى أنه لا يوجد بعد شركات في العالم تستخدم هذا النوع من المحروقات. وفي حال كانوا لا يريدون الذهاب في اتجاه انتاج الطاقة من الهواء والطاقة الشمسية، هناك ما يسمى بالمحطة العائمة في البحر، تكون بالقرب من معملي دير عمار، تحوّل الغاز من سائل إلى غاز يصلح استعماله للمعمل، يمكن أن يستعمل في معملي دير عمار 1 و2. هذه المحطة، توفر في المعيار البيئي والمعدات، وتوفر على الدولة أموالاً طائلة في انتاج الكهرباء وفي صيانة المعمل لأنه من خلالها لا تفسد المكانات. أمّا ما تبيّن، هو أنّهم يريدون تلزيم المعمل من دون المحطة، لأن ذلك أربح للشركات التي تدير المعمل وتعمل على استيراد الغاز".

وعن الاتفاق الأخير بين وزارة الطاقة والشركة والمتعهد، يعتبر الخير أنّ هناك خشية من أن يكون الموضوع أثاره أبي خليل من دون العودة إلى دائرة المناقصات ومجلس الوزراء بغية تلزميه. هذا الخبر، "هو بمثابة الفضيحة، إذ بعدما أفلست الشركة، اتفقوا على آلية توزيع الحصص من أجل تسيير شؤون المعمل، ونحن ننتظر توضيحاً مفصلاً من وزارة الطاقة"، يقول الخير: "التركيبة التي ظهرت تقلق كثيراً، لأنها تؤكد مشاركة وتورط أكثر من طرف من الحكومة، وليس طرفاً واحداً. لذا، ننتظر توضيحاً من الوزارة، لنرى إذا ما كان فعلاً سيلزم بهذه الطريقة، لاسيما أنه يحكى عن دفتر شروط جديد، يجب أن يأخذ موافقة من الحكومة، قبل تحويله إلى دائرة المناقصات من أجل تلزيمه".

الطاقة تردّ
توضح مستشارة أبي خليل ندى بستاني في اتصالٍ مع "المدن" أنّه في الجلسة الأخيرة للحكومة، قرر مجلس الوزراء تحويل العقد مع الشركة اليونانية من صيغة EPC إلى صيغة عقد شراء طاقة طويل الأمد وليس عقد BOT، وذلك بموجب القرار 84 الصادر في تاريخ 21 أيار 2018.

لكن، كيف سيبدأ العمل في المعمل في نهاية العام؟ تجيب بستاني: "كانت قد جرت المناقصة في دائرة المناقصات وفق دفتر شروط واضح ووفقاً للقرار الرقم 5 بتاريخ 6/10/2016، فوّض مجلس الوزراء وزيري الطاقة والمالية إجراء المفاوضات بحسب المناقصة القائمة ودفتر الشروط الحالي. واستناداً إلى القرار رقم 70 بتاريخ 26/4/2018 فوّض مجلس الوزراء وزيري الطاقة والمالية استكمال المفاوضات وتحويل صيغة العقد بحسب دفتر الشروط نفسه الملتزمين به. وقد جاء القرار فسحاً للمجال أمام المفاوضات على مشروع إبرام عقد التسوية وعقد شراء طاقة طويل الأمد، تم الاتفاق بين الطرفين على تعليق إجراءات التحكيم لفترة 4 أشهر تنتهي في تاريخ 19/11/2018". لذلك، "نأمل بدء العمل على إنشاء معمل دير عمار في نهاية العام".

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة