إصلاح إداري.. "عكس السير" - جريدة المدن - عزة الحاج حسن

 

 - Dec 14, 2018



 في كل دول العالم المتحضر، وفي إداراتها الحديثة، يبدأ الإصلاح من رأس الهرم نزولاً، وصولاً إلى أصغر موظف مهما كانت فئته، إلا في لبنان يبدأ الإصلاح الإداري من قاعدة الهرم من صغار الموظفين وصعوداً، فهل مَن يحمي الموظف من كبار المدراء و"أزلام السياسيين" في حال أبلغ عن فساده أو عن تجاوزه للقانون؟

برأي رئيس هيئة التفتيش المركزي، القاضي جورج عطية "ليس صحيحاً أن الموظفين الصغار هم فقط من يحاسَبون".. وكنا نتمنى لو توافرت بعض المعطيات الملموسة للقاضي عطية، عن محاسبة مدير واحد فقط، في معترك الفساد القائم في البلد، ليستشهد به لعلّه يعطينا بعض الأمل في إصلاح إداري حقيقي.

ولكن محاربة الفساد، تقتصر فعلاً على صغار العاملين والموظفين في الإدارات العامة. فكم من مدير ووزير ذاع صيته بإتمام صفقات مشبوهة، وتوظيفات مخالفة، وقرارات استنسابية. ولم نر أي إجراء عقابي اتخذ في حقه، أو حتى تقرير لهيئة رقابية أدانته.

الرقابة مسؤولية الموظف!
على الإدارات والمؤسسات العامة أن تضع هيكلية لعملها، وتُبلغ بها هيئة التفتيش المركزي، وتضعها في متناول المواطنين على مواقعها الإلكترونية، خلال شهر من الزمن، وخلال شهر أيضاً، على الإدارات أن تُبلغ عن الخدمات التي توفرها للناس، وحجم الرسوم المتوجبة لكل خدمة، والوقت المحدد للقيام بكل معاملة.

من هنا تبدأ المراقبة والمحاسبة، وفق القاضي عطية، الذي طلب من موظفي القطاع العام، خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الخميس 13 كانون الأول، أن يصوّبوا سلوك مدرائهم المخالفين، والإبلاغ عنهم للتفتيش المركزي ما لم يمتثلوا.

كيف يمكن لموظف أن يصوّب سلوك مديره، المدعوم حكماً من فريق سياسي، نظراً لكون التوظيفات لا تتم إلا عبر الأحزاب والطوائف. وحسب عطية "لسنا في زمن التراخي، إنما في زمن استثنائي على كل الصعد، ولذلك فان الإجراءات ستكون استثنائية"، وهنا صدق عطية. فالإجراءات فعلاً إستثنائية، في عهد شهد كل الإستثناءات.

وعن "الكبسات" الميدانية، التي استحدثها التفتيش المركزي منذ فترة ووعد بتفعيلها، كشف مصدر من التفتيش المركزي في حديث إلى "المدن"، حصول الكثير من "الكبسات" على الإدارات العامة، "ولكن حتى اللحظة لم نر أي نتائج"، مشيراً إلى أن الكلام عن التشدد بالرقابة جيد ولكن تبقى العبرة في التطبيق.

عام الرقابة.. ولكن!
سيكون العام 2019 عام الرقابة الفاعلة والمحاسبة الفاعلة، "وواجبنا أن نتساعد لمكافحة الفساد لأن الوضع لم يعد يحتمل"، هذا ما أكده عطية، ضارباً المثل في إحدى المدارس، التي تهدر نحو 30 ألف دولار بسبب التعاقد من خارج الملاك.

وشدد عطية على العديد من الإجراءات المحقة، والضرورية لانتظام عمل الإدارات العامة، كالإلتزام بالدوام، ووجوب وضع آلة لتسجيل دخول وخروج الموظفين في الادارات العامة، إلى جانب القيام بجولات مفاجئة لضبط مخالفات الدوام، والتحقق من العمل ليلاً، تفادياً للغش، مؤكداً أن الإجراءات ستشمل كافة الإدارات العامة بما فيها المستشفيات الحكومية.

غير أن المصدر الرقابي لم ير ما يبشّر بمشروع إصلاحي حقيقي، فالإصلاح برأيه لا يبدأ من الموظفين "رغم أهمية ذلك". إذ أن الإدارة في لبنان فيها خلل بنيوي واضح، بطريقة عملها وآلية سير مرافقها ومؤسساتها، لافتاً إلى أن الحل لا يمكن إلا أن يبدأ من الرقابة من أعلى الهرم. فالإصلاح الحقيقي يبدأ بالوزير والمدير العام وليس الموظف، كما الحال في الإدارة الحديثة، التي تعمل على منع الخلل بدل العمل على العقاب فقط.

ولا شك أن التفتيش لا يمكنه معاقبة أو فصل وزير في حال المخالفة، إنما يمكنه رفع تقرير إلى مجلس النواب، الذي يملك صلاحية المساءلة والمحاسبة لرأس الهرم الإداري. من هنا، يرى المصدر أن حملة التفتيش المركزي، وإن كانت جيدة، إلا أنه يحيط بها الكثير من علامات الإستفهام، متخوفاً من أن تقتصر حملات الرقابة على "الإستعراضات الإعلامية لا أكثر".

 
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة