خرافة «العجز المائي»: استراتيجية السدود دراسات منقوصة بأكلاف خيالية - جريدة الاخبار - حبيب معلوف

 
 - Feb 16, 2019



 تشكيل الحكومة وتسلّم وزير جديد لحقيبة البيئة، مناسبة للدعوة الى اعادة تقييم الأثر البيئي لمشاريع السدود، وإجراء تقييم استراتيجي لقطاع المياه عموماً، قبل أي استدانة أخرى لإنشاء سدود أو محطات معالجة جديدة. كما أنها مناسبة لإعادة تقييم خطة وزارة الطاقة التي وضعت عام 2010 وأقرها مجلس الوزراء عام 2012، من دون مراجعة عميقة وقبل إقرار استراتيجية شاملة وقانون المياه. وهذا تفرضه التجارب غير المشجعة حتى الآن، ومنها الجريمة التي تسبّب بها سدّا جنة وبقعاتة بتدمير اثنين من أهم الوديان في لبنان لجهة تنوعهما البيولوجي وأهميتهما التاريخية. وهي الجريمة التي تبدو السلطة ماضية الى تكرارها في وادي بسري مع بدء التحضيرات الميدانية للمباشرة في الأشغال.

اجراءات غير مكلفة يمكن أن توفر 50% من الاستهلاك الأكبر للمياه في الزراعة وتقلّل الحاجة الى السدود المدمرة


الاستراتيجية لم تدرس مسألة استرداد الكلفة (العالية) وربط تسعير توصيل المياه مع تسعير معالجة مياه الصرف، مع العلم أن كل زيادة في استهلاك المياه العذبة تزيد من كلفة معالجة مياه الصرف، لا بل قد تصبح كلفة معالجة مياه الصرف أكبر من كلفة تأمين المياه العذبة! كما أنها لم تدرس الآثار البيئية لما تحتاجه السدود من حفريات ضخمة ومقالع خاصة لاستخدامها في البناء، الأمر الذي يتسبب بتدمير الوديان وتغيير معالمها وتشويهها، وتغيير النظم الايكولوجية في المناطق المحيطة بها، بتحويل أماكن جافة صيفاً الى مناطق رطبة ستكون معرضة حتما للتلوث، اسوة بما حصل لبحيرة القرعون. وحينها تصبح كلفة المعالجة ورفع التلوث أكبر من كلفة الإنشاء! كذلك لم تلحظ أين تذهب الردميات بعد الحفر وأثر ذلك على البيئة، كما حصل في سد بقعاتة حيث كان التدمير مزدوجاً: لموقع السد، وللأودية والأنهار التي رُميت فيها الردميات!
الأولوية الأولى المطلوبة هي مقارنة هذه الاستراتيجية، اثناء انجازها وبعده، بالخطة الشاملة لترتيب الأراضي ومتطلباتها وضوابطها التي أقرها مجلس الوزراء عام 2009، واحترام مبادئ الاستدامة والعدالة البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ومنح الأولوية لمعالجة مياه الصرف واعادة استخدامها، ووقف الهدر في الشبكات وضبط سرقة المياه وبيعها… على حساب إنشاء السدود السطحية.



جريمة سد بسري
تبلغ كلفة انشاء سد بسري نحو مليار و200 مليون دولار قروضاً من البنك الدولي والبنك الإسلامي لتخزين 125 مليون متر مكعب من المياه لخدمة بيروت الكبرى. جريمة كبرى ومتعددة الأوجه سترتكب، اذا سار المشروع وفق ما هو مخطط له. الوجه الأول يتعلق بالموقع الذي يحتوي على تنوع بيولوجي فريد ما كان يفترض تدميره مع تراث أثري غني. كما أن موقع السد، بحسب الجيولوجيين، لا يستوعب المياه. اما الوجه الثاني للجريمة فهو في مصادر مياه هذا السد لناحيتي الكمية والنوعية. لناحية الكمية، سيتم تخزين 60 مليون متر مكعب من نهر الأولي لن تصمد بسبب تفسخ الارض. كما أن المخطط جر 60 مليون متر مكعب من بحيرة القرعون، فيما السعة القصوى لهذه البحيرة لا تتجاوز 125 مليون متر مكعب، علماً أن مشروع قناة الـ 800 ينص على نقل 110 ملايين متر مكعب من البحيرة نفسها الى الجنوب! إضافة الى أن مياه القرعون لم تعد أصلا صالحة للزراعة، ناهيك عن الشرب، بسبب تلوثها بالسينوبكتيريا السامة التي لا علاج لها، والتي يمكن أن تنتقل الى الاولي عبر هذا المشروع… فيما كان ينبغي أن تعطى الأولوية لمعالجة مياه الصرف التي تصب حاليا من قرى الإقليم في وادي ونهر بسري، على انشاء سدود لتجميع مياه الشرب في المكان نفسه!

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة