مستشفى صور الحكومي ضحية محاصصات الثنائي الشيعي وإهمال الوزارة - جريدة المدن - خضر حسان

 

 - Apr 03, 2020



 أعاد تصدّر مستشفى بيروت الحكومي لمشهد التصدّي لانتشار فيروس كورونا، تسليط الضوء على القطاع الصحي الرسمي. وإذا كان مستشفى بيروت ترك بصمة إيجابية في سجلّ القطاع الرسمي، إلاّ أنه ترك صفعة كبيرة جداً على وجه الدولة بوصفها حاضنة القطاع العام، ووجه أحزاب السلطة، بوصفها المتحكّم بالدولة والمتسبب بتدمير القطاع العام.

وهذه الصورة العامة، تتفرّع منها أزمة مستشفى صور الحكومي، الذي يرزح تحت إهمال الدولة وتحاصص الثنائي الشيعي. وما زاد من أزمة هذا المستشفى، هو تجاهله من قِبَل وزارة الصحة، رغم استعداده لاستقبال حالات إصابة بفيروس كورونا، بعد اجراء بعض التحسينات البسيطة.

تجاهل وزارة الصحة
مع إعلان انتشار فيروس كورونا في لبنان، وتقاعس المستشفيات الخاصة، أعلنت بعض المستشفيات الحكومية استعدادها للمواجهة. وفي ظل امكانياته المتواضعة، خصّص مستشفى صور الحكومي، جناحاً للعزل، وأعلَمَ وزارة الصحة بذلك، طالباً بعض التجهيزات البسيطة ليصبح القسم جاهزاً بالكامل لحالات الكورونا. وبالتوازي، اتخذ المستشفى كامل احتياطاته، لجهة قياس حرارة الوافدين إليه، بالإضافة إلى متابعة حالات المرضى والموظفين والطاقم الطبي.

في المقابل، لم تعر وزارة الصحة المستشفى أي اهتمام، ولم يزره أحد من الوزارة، ولا حتى من الجهات الحزبية والشخصيات السياسية المعروفة في منطقة صور، ناهيك بتجاهل وزراء المنطقة ونوابها. وحسب مصادر في المستشفى، "لم يزر أحد المستشفى، سوى مندوبة من قِبَل منظمة الصحة العالمية، جاءَت للاطّلاع على الأوضاع، من دون تقديم أي شيء". وتشير المصادر في حديث لـ"المدن"، إلى أنه "جرى التبرّع للمستشفى بمبلغ 300 مليون ليرة، بواسطة متموّلين، عبر برنامج تلفزيوني، ومع ذلك لم يستلّم المستشفى أي مبلغ أو تجهيزات".

حجّة الجيش
تبرّر وزارة الصحة عدم دعم المستشفى، بأن ادارته تابعة للجيش اللبناني. لكن المصادر تصف هذه الذريعة بأنها مضحكة وواهية، لأن "المستشفى تابع كلياً للوزارة، وخاضع لقراراتها، ولا علاقة لوزارة الدفاع والجيش اللبناني به، إلاّ لناحية وقوعه جغرافياً داخل مخيّم البص للاجئين الفلسطينيين. وجاء قرار وجود الجيش داخله، بهدف حمايته إذا استدعى الأمر. ويعمل في المستشفى طاقم عسكري عدده ضئيل جداً، وهو عبارة عن ضابط و5 أفراد، فيما هناك طبيب مدني بصفة مدير إداري، وهناك مدير طبي، ومدير مالي، ونحو 70 موظفاً مدنياً بين طبيب وممرض وإداري وعمال تنظيفات".

وتضع المصادر حجج وزارة الصحة في خانة "التهرّب من المسؤولية. خصوصاً وأن الجيش لا يرشو ولا يقبل رشوة، والمستشفى لا يفيد الأحزاب الحاكمة سياسياً، لأن المرضى يتلقون العلاج على حساب وزارة الصحة من دون منّة من أحد، لذلك لا يهتم أحد بوضع المستشفى".

المبنى الجديد
إهمال الدولة وأحزاب السلطة لمستشفى صور الحكومي لم يتوقّف عند تجاهل متطلباته، بل انسحب إلى تعطيل انجاز المبنى الجديد. ففي شهر أيلول من العام 2006، زار أحد الدبلوماسيين الكويتيين مستشفى صور الحكومي، لتهنئة طاقمه بالسلامة وبالجهود التي بذلها إبّان الحرب الاسرائيلية على لبنان في شهر تموز من العام نفسه، حيث استقبل المستشفى 468 جثة، وقام بالخدمات الصحية المطلوبة. وبعد ذهول من حال المستشفى وامكانياته المتواضعة، أجرى الدبلوماسي اتصالاً مباشراً بالكويت. وعلى الأثر، تبرّعت الحكومة الكويتية بمبلغ 22 مليون دولار لإنشاء وتجهيز مبنى جديد للمستشفى يتّسع لـ140 سريراً، على أن تقدّم الدولة اللبنانية الأرض، فبادَرَ رئيس بلدية صور السابق، الراحل أبو ظافر الحسيني، إلى وضع قطعة أرض في منطقة "الشواكير" بتصرّف المشروع. 


بقيت الأرض ذات مساحة 10 آلاف متر مربع، رهينة تحاصص الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل. فمنذ العام 2006 وحتى العام 2018، شهد المشروع جولات عديدة لاجراء المناقصات، وذلك بفعل السجالات بين الثنائي. بعدها رست المناقصة على شركة ذات ولاءٍ مشترك، وسار العمل إلى حين انجاز الانتخابات النيابية الأخيرة.
وتتوقّع المصادر أن تلي فترة انتهاء البناء، جولات جديدة من المحاصصات التي ستؤخّر تجهيزه وافتتاحه، لأن الثنائي الشيعي سيختلف على مناقصات التجهيزات، بالإضافة إلى خلافه على تعيين مجلس الإدارة والموظفين. وبالتأكيد، كل تلك التعيينات ستخالف الأصول القانونية ومعايير الكفاءة.

مؤسسات حزبية
واقع مستشفى صور الحكومي، يزداد صعوبة مع قرار كل أحزاب السلطة، إعلاء شؤون مؤسساتها على حساب مؤسسات الدولة، وخصوصاً المستشفيات. وفي منطقة صور، يعمل الثنائي الشيعي على تعزيز دور مؤسساته الصحية، فيما يتجاهل دوره كجزء من السلطة السياسية التي عليها رعاية المستشفيات الحكومية. 

وفي السياق، ترتفع وتيرة التدخلات السياسية في المستشفيات الخاصة في صور، وهي مستشفى حيرام، جبل عامل واللبناني - الإيطالي (مستشفى نجم سابقاً)، لجهة فرض إدخال بعض الأشخاص، والسعي لتخفيض فاتورة بعض المرضى.. وما إلى ذلك. ناهيك عن التنفيعات عبر المراكز الصحية الحزبية. كذلك، يعمل حزب الله على بناء فرع لمستشفى الرسول الأعظم في ضاحية صور الشمالية، ما سيعني تهميشاً إضافياً للمستشفى الحكومي، بعد ربط الحزب عائلات وأفراد بمشروعه الصحي، وبالتالي بمشروعه السياسي، فيما المستشفى الحكومي لا تحظى بواجب الدفاع عنها من قِبَل نواب ووزراء الثنائي الشيعي.

 
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة