«لا للعنف ضد المرأة» ينتقل من «فايس بوك» إلى الشارع:
معنفات يروين تجاربهن على بعد خطوات من مجلس النواب - سعدى علوه - السفير  - Oct 24, 2011




«أنا لم يعد اسمي جيهان الملا، ولا الإعلامية جيهان... أنا اليوم لم أعد شيئاً.. فقد ولدت في 17/7/2009، يوم وضعت ابني.. وانتهيت في 12 نيسان 2010 ، يوم اضطررت لتركه رضيعاً، في شهره التاسع».
بتلك الكلمات، علا صوت الزميلة جيهان الملا أمس، على بعد خطوات من مجلس النواب، وهي تروي، على الملأ، تجربتها مع العنف الجسدي الزوجي، والعنف الآخر المتلعق بالتشريعات التي تحرم الأم من حضانة أولادها، وتعيق المرأة عن تحصيل أي حق من حقوقها، والعيش بكرامة كأي «إنسانة من لحم ودم».
كان صوت جيهان يرتجف، ودموعها تنهمر، ومعها كانت تنهمر دموع عشرات المشاركات والمشاركين في الاعتصام السلمي الداعم لحقوق المرأة في لبنان الذي نظمه تجمع «لا للعنف ضد المرأة» في ساحة رياض الصلح.
روت جيهان أنها لم تترك رضيعها لأن الضرب المبرح كان يؤلمها، بل لأن طفلها كان يصرخ ويتألّم في كلّ مرة كان أبوه يضربها وهي ترضعه. لم تهرب من حياة قاسية، بل أدارت ظـهرها ورحلت عن تجربة كان يمكن أن تنتهي بقتلها، وبسجن والد ابنها، وبتشرّد رضيعها.
جاءت تطالب باسم كل امرأة وأم معنفة بحماية قانونية وبالتشريع اللازم لضمان حصولها على حضانة طفــلها، وتنادي طالبة الدعم والمساعدة لكل سيدة عاجزة ماديـاً وقانونياً عن تحصيل حقوقها وضمان استمرار عيشها حياتها بكرامة...
جاءت تصرخ لتذّكر بحق طفلها، وبحق كل طفل آخر بأن تربيه أمه، وليس «زوجة أبيه أو صاحبته، أو أي امــرأة أخرى».
والاعتصام، وهو باكورة نشاطات تجمع «لا للعنف ضد المرأة» الإلكتروني، لم يكتسب أهميته من عدد الحضور، على الرغم من أن موقع التجمّع يضم ثلاثة عشر ألف عضو. بل تميّز الاعتصام بنوعية المشاركين من جهة، والاختراق الذي أحرزه للصورة النمطية السائدة عن الاحتجاجات والنضالات المؤيدة للمرأة.
وباستثناء مجموعة منظمة «كفى عنف واستغلال» التي شاركت في الاعتصام، فقد كانت غالبية المشاركين شابات وشباناً مستقلين، بالإضافة إلى عدد محدود من الوجوه التي اعتادت وسائل الإعلام على رؤيتها في أنشطة مماثلة. وربما يكرس النشاط بذلك، اتساع النضال في سبيل حقوق المرأة ومواجهة العنف الممارس ضدها على المستويات كافة، ليخرج من مكاتب المنظمات والجمعيات الرافعة لواء مناصرة المرأة وحدها، ليتحول إلى هم مدني وشعبي عام.
ومنح حضور سيدات تعرضن إلى شتى أنواع العنف، أكسب النشاط نكهة واقعية، وإن محزنة، بعدما تناوبن كل على عرض معاناتهن بالصوت والصورة أمام عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام، وعلى بعد خطوات من مجلس النواب، «مرتكب العنف التشريعي الأكبر بحق المرأة اللبنانية»، كما وصفته سمرة المقداد، الآتية من جبيل لتطالب بحقها بمنح الجنسية لأولادها السبعة المولودين من أب سوري، وهم قد ولدوا وعاشوا في لبنان ولا يعرفون وطناً سواه.
وللدقة، تمكنت إحدى بنات سمرة من الحصول على الجنسية اللبنانية بعدما تزوجت من شاب لبناني، فكان أن استردت حقها عبر رجل لبناني قادر على منح الجنسية لزوجته، وليس عبر قانون يعترف بحق الأم بمنح جنسيتها لأولادها.
ووضعت عضو التجمع رويدا مروة، وهي مسؤولة صفحة «فايس بوك» المناهضة للعنف ضد المرأة، النشاط في إطار «تكملة مسيرة طويلة بدأت قبل سنوات بنضالات كبيرة في سبيل حقوق المرأة والمواطن في لبنان عبر هيئات وجمعيات وشبكات عملت على رصد انتهاكات حقوق المرأة وساهمت في منحها هامشاً أوسع من الحقوق والحريات».
وردت تحرك الحملة على «فايس بوك» في إطار الثورات العربية والمطلبية للرأي العام العربي والدولي، وفي قلبها حقوق المرأة ورفع الغبن اللاحق بها.
وعرضت مروه للمبادرة الفردية للشاب طارق أبو زينب في تأسيس صفحة على «فايس بوك» عنوانها «لا للعنف ضد المرأة»، وتطور الصفحة إلى أن أصبحت تضم اليوم 13 ألف عضو من الشباب والشابات.
وشرح أبو زينب خلفية التحرك الذي ينطلق من كون «العنف الممارس ضدّ المرأة انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ومرفوضا بكل أشكاله وأنواعه وعلى المستويات كافة»، مؤكداً «أن دور الدولة هو حماية جميع مواطنيها من العنف ومن دون تمييز»، وأنه على الدولة «والتزاما منها بالاتفاقيات الدولية أن تقوم بدورها التشريعي لإلغاء التمييز في قوانينها وإصدار قوانين تحمي المرأة من العنف، وتحقق لها المواطنة الكاملة».
وطالب أبو زينب والمعتصمون بـ«إقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري في مجلس النواب وعدم تفريغه من مضمونه، وبحق المرأة اللبنانية في إعطاء جنسيتها لزوجها وأولادها، وبإلغاء التمييز في قانون العمل والضــمان الاجتماعي، وفي قانون العقوبات اللبناني، وبإعطــاء المرأة حقها في الإعلام ورفض استغلال وتشويه صورتها في الإعلان، وبإعطاء المرأة اللبنانية حقها في السياسة، وبتطبيق اتفاقية «سيداو» ورفع التحفظات عنها (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، بالإضافة إلى تجريم التحرّش الجنسي ضدّ المرأة، وتوحيد ورفع سن الحضانة لدى مختلف الطوائف.
وأثنت الزميلة الإعلامية ديانا مقلّد على مضمون الحملة معلنة تأييدها لها، وطالبت بوقف كل تمييز وعنف تشريعي وغير تشريعي بحق المرأة.

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة