التهويل بانقطاع الانترنت... أهداف غير معلنة! التسديد من حساب مديرية الاستثمار لدى "المركزي" بالدولار

جريدة النهار - سلوى بعلبكي

 

 
 - Jan 16, 2020



 هل صحيح أن تأثير أزمة شح الدولار في السوق اللبنانية طاول قطاع الاتصالات، وخصوصا الانترنت، الذي أشيع أنه سيتوقف خلال الفترة المقبلة؟ وهل صحيح أنه سوف يتم عزل لبنان عن الشبكة العنكبوتية الدولية بسبب تأخره في سداد الفواتير المتوجبة عليه بالدولار الأميركي؟ وهل هيئة "أوجيرو" تسدد متوجباتها بالعملة الصعبة التي يصعب تحويلها إلى الخارج نتيجة قيود المصارف؟

ما أشيع عن إمكان توقف الانترنت شكَّل صدمة كبيرة للبنانيين الذين لم يعد ينقصهم في خضم الضوائق المتعددة التي تلمّ بهم إلا عزلهم الكامل والشامل عن بقية العالم. كما شكَّل مفاجأة كبرى للمسؤولين المعنيين في القطاعين العام والخاص، اضافة الى الأجهزة الأمنية والقطاع التربوي والمصرفي والصحي والسياحي والديبلوماسي على السواء، خصوصا أن هذا الامر لم تسبقه أي إشارة إنذار أو معلومات من جهات دولية إلى الحكومة اللبنانية أو وزارة الاتصالات أو الوزارات الأخرى المعنية بهذا الشأن.

وإذا كان المدير العام لـ"أوجيرو" عماد كريدية نفى أن يكون قد صدر عنه كلام عن توقف خدمة الانترنت، مؤكدا لـ"النهار" أنه "تحدث عن وجود احتمال بعيد لتوقف الانترنت في حال لم يتم تأمين القطع للدفع الى مقدمي الخدمات، وأن هذا الأمر غير وارد على الاقل في الأشهر الـ 6 المقبلة"، إلا أن المدير العام السابق لـ"أوجيرو" عبد المنعم يوسف رأى في اتصال مع "النهار" ان "كل ما قيل منذ يومين حول خطورة إنقطاع خدمات الانترنت في لبنان بسبب الأزمة التي تصيب تحويلات الدولار الى الخارج هو كلام غير صحيح مطلقا، وهو كلام غير مسؤول ومبني على تكهنات وفرضيات لا وجود لها إلا في مخيلات من أطلقوها".

ويبدو أن تراجع كريدية عن هذه المعلومات، ليؤكد لاحقا أن لا خوف على خدمات الانترنت في لبنان وأن وزارة الاتصالات حريصة على ضمان استمرارها وديمومتها، جاء اثر الصدمة التي شكلها للمسؤولين واللبنانيين، والتي تسببت بحال ذعر وهلع لم تكن البلاد في حاجة اليها. فوزير الاتصالات محمد شقير فوجئ بالمعلومات التي نُقلت عن كريدية كونه لم يكن على علم مسبق بذلك، والأمر عينه انسحب على كل من رئيس الحكومة المستقيل ورئيس الحكومة المكلف ودوائر قصر بعبدا المحيطة برئيس الجمهورية، إضافة إلى أن الأجهزة الأمنية اللبنانية صُعقت بهذه المعلومات، وبدأت فورا إجراء الإتصالات الاستيضاحية مع المعنيين في "أوجيرو" وشركتي الخليوي والشركات الخاصة الأخرى التي تزودها خدمات الانترنت وخدمات الـوكان يوسف أوضح أن "لا صحة لخبر انقطاع خدمات الانترنت بسبب شح الدولار والتدابير المتعلقة بالـ capital control، وأنه لا يوجد أي علاقة بين الصعوبات التي تعترض الأفراد والمؤسسات في تحويلات الدولار الى الخارج وبين استمرار خدمات الانترنت في لبنان"، مؤكدا أن هذا الخبر "صادر عن أناس غير مسؤولين ويجهلون الآليات الإدارية والمالية المرتبطة بعمل شبكة الانترنت في لبنان وإنتاج خدماتها وآليات تمويلها وتسديد تكاليفها، وأنه لم يسبق في تاريخ لبنان أن انقطعت هذه الخدمات لأسباب مالية على رغم كل الظروف الصعبة التي مرت على لبنان في مختلف المراحل". واعتبر أن هذا الخبر "هدفه بث الشائعات وزعزعة ما تبقى من استقرار خدماتي واقتصادي ومالي وأمني واجتماعي"، مذكرا بأنه "يحب ألا ننسى أن ثورة اليوم وآثارها المؤلمة اندلعت بسبب تسرّع وزارة الاتصالات في حينه بإطلاق تصاريح وشائعات حول ضرورة تطبيق رسوم مالية على خدمات الواتساب عبر الانترنت". وسأل: "هل هناك من يريد مرة أخرى أن يكب الزيت على النار من دون أي سبب تقني وواقعي"؟

وانطلاقا من تجربته في "أوجيرو"، جدد يوسف لـ "النهار" تأكيده أن "لا خوف اطلاقا على استمرارية خدمات الانترنت سواء تلك المقدمة من "أوجيرو" أو تلك المقدمة من شركتي الخليوي أو من الشركات الخاصة لتوزيع خدمات الانترنت، وكل ما عدا ذلك هو غير صحيح بالمطلق وتهويل فارغ، ولا يعدو كونه شائعات كاذبة ومحاولة إثارة الذعر من البعض لاستدرار الشفقة أو استجلاب الاهتمام على أبواب "التمديد أو التجديد" أو تحوير الأنظار عن صعوبات يواجهونها في الرأي العام، غير آبهين بما لتصاريحهم غير المسؤولة من آثار سلبية في الرأي العام ولدى المؤسسات الأجنبية المستثمرة في فروع لها في لبنان".

ولكن بعيدا من هذه التصاريح، ما هي الآلية التي تُعتمد لتزويد المشتركين الانترنت وكيف يتم تسديد تكاليفه؟

تقنيا يشرح يوسف أن "شبكة الانترنت في لبنان تقوم على مكونات تقنية تتدرج بشكل هرمي من المشترك النهائي الى الشبكة العنكبوتية الدولية كالآتي: الشبكة المحلية التي يرتبط بها المشترك، تجهيزات تجميع مشتركي الانترنت في السنترالات أو DSLAM، تجهيزات المقاسم والمحولات الوطنية لداتا الانترنت Switshs and Routers، تجهيزات التواجد ومعقدات الانترنت مع الشركات الخاصة المزودة لخدمات الانترنت Intenet POP Nodes، الشبكات السريعة لنقل المعلومات التي تربط هذه التجهيزات عبر الألياف الضوئية ONT و 100GB Fast Ethernet، البوابات الدولية للإنترنت الموجودة في السنترالات الدولية في رأس بيروت والجديدة Internet International Gateways، والكوابل البحرية الواصلة إلى لبنان وتحديدا كابلي قدموس وIMEWE، التي تتصل بالمعقدات الدولية للشبكة العنكبوتية، إضافة الى التطبيقات البرمجية والتشغيلية التي تؤمن عناوين الإنترنت IP adress وصحة تشغيل السعات الدولية E1s وصيانتها.

وتقوم "أوجيرو" بأعمال الصيانة والتشغيل لكل هذه المكونات المحلية بواسطة طواقمها البشرية المتخصصة، لا سيما تلك الموجودة في مديرية المعلوماتية ومديرية الشبكات، كما تقوم "أوجيرو" بتأمين أعمال المساندة التقنية وشراء قطع الغيار والتجهيزات من خلال موردين محليين هم وكلاء في لبنان للشركات العالمية الكبرى مثل CISCO وZhone وHuawei وآخرين. وتدفع الفواتير المتوجبة لهؤلاء الموردين المحليين بالليرة اللبنانية وفق المعدلات الرسمية لسعر صرف الدولار.

أما في ما خص المكونات الدولية، لا سيما التطبيقات البرمجية والخدمات المرفقة بها لتأمين عناوين الإنترنت IP adress والسعات الدولية عبر الكوابل البحرية التي تملك وزارة الاتصالات حصة كبيرة منها، فإن وزارة الاتصالات و"أوجيرو" تتعاملان مع شركات أجنبية مشغلة متخصصة مصنفة من الصف الأول Tier 1 companies مثل شركات Verizon وLevel 3 وTata وFlag وPCCW وغيرها بناء على عروض مالية وتقنية سنوية. وتقوم هذه الشركات بإرسال فواتيرها فصليا بالدولار الأميركي إلى كل من دائرة العلاقات الدولية في مصلحة الإستثمار الدولي ومصلحة الشؤون المالية في المديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات وإلى "أوجيرو"، ويتم عرضها بحسب الأصول ودون تأخير على ديوان المحاسبة الذي يعرف تماما ماهية هذه الفواتير، ثم يقوم المحتسب المركزي في مصلحة الشؤون المالية في وزارة الاتصالات أو المدير المالي في "أوجيرو" بإعداد أوامر دفع بالدولار الأميركي ترسل مباشرة إلى الفرع الرئيسي لمصرف لبنان لكي تسحب من الحساب الخاص المفتوح لدى مصرف لبنان باسم المديرية العامة للاستثمار والصيانة بالدولار الأميركي، ويتم صرفه للشركات المعنية دون أي معوقات أو حواجز، حيث لا تسري عليها تدابير الـ Capital Control لأنها تتعلق بدفع مساهمات واشتراكات وفواتير الدولة اللبنانية بغية المحافظة على حسن سير الخدمات العامة طبقا لمبدأ تسيير المرفق العام. ومعلوم أن التسديد الاخير لهذه الفواتير حصل قبل بضعة أيام فقط دون أي عناء أو صعوبات أو تأخير.

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة