قانون الأحزاب ثم قانون الانتخاب - جريدة البلد - ســـامي الجــواد

 - Feb 13, 2013



 من المجحف في حق الاوطان ، ولا سيما الجريح منها كلبنان، أن تسن القوانين التأسيسية فيها على أسس التوافق السياسي الحزبي الذي تتقلب متطلباته حسب البورصة الاقليمية والدولية.
 
فقد يكون مصيبا، رئيس مجلس النواب نبيه بري في اصراره على ايجاد قانون انتخاب توافقي يرضي الجميع، في محاولة منه ربما لازالة الشعور بالغبن الذي قد يسود لدى طرف ما – أي طرف - فيما لو لم يوافقه القانون الانتخابي العتيد. لربما يحاول رئيس المجلس ايضا ان يخفف من حدة التوتر المذهبي التي قد تطيح العملية الانتخابية برمتها. وحتى لو افترضنا استطرادا بأنه يريد أن لا يترك له اعداء مقبلين في معركة رئاسة المجلس المرتبطة سياسيا وقانونيا بقانون الانتخاب ، فان ذلك كله لا يعفيه من مسؤولية البحث عن القانون الانتخابي الذي يصلح ليؤسس مرحلة جديدة من التعاطي الحزبي والسياسي في لبنان ، لما لقانون الانتخاب من تأثير في صياغة الخطاب السياسي والبرامج السياسية للأحزاب وما لهذين الامرين من دور في صون المصالح الوطنية العامة من جهة وفي اعادة اللحمة الى الكتلة المجتمعية اللبنانية الممعنة في التمزق والافتراق من جهة أخرى.
 
ان التوافق المنشود على قانون الانتخاب، في أي شكل كان هذا التوافق ، لن يعدو كونه توافقا سياسيا مرحليا أفضت اليه توازنات وظروف داخلية واخرى خارجية وهو بذلك سوف يكون بلا شك معرضا للتعديل والتغيير عند أول خلل يعتري تلك التوازنات، وستبقى الأكثريات النيابية كما الاقليات وما تجسده من قوة وحركة في الواقع العملي للسلطة بكل فروعها ، ستبقى بعيدة عن الغاية الاصيلة للعمل السياسي الديمقراطي وهي تمثيل الشعب في السلطة وفي الرقابة على السلطة وفي حماية مصالحه.
 
ان البحث في سن قانون انتخابي عصري يؤمن عدالة التمثيل ويكفل استعادة العيش الواحد لن يكون عمل لجنة فرعية ولا لجان مشتركة على اهمية دورها، انه بند أول وأصيل يجب أن يكون على طاولة الحوار الشاملة التي تتسع للجميع والتي يجب أن تعكس تنوع الصورة اللبنانية مذهبيا وحزبيا ، وبعض احزاب الطوائف. حوار عقلاء وحكماء وفقهاء دستوريين يسعون في بحثهم الى السبل الآيلة الى تأسيس جديد للاجتماع اللبناني عبر قانون انتخاب تأسيسي نستطيع من خلاله أن نؤسس لثقافة جديدة في العلاقات اللبنانية البينية كما الخارجية.
 
قد يقول قائل بحق انه من الأولى والأحرى تنفيذ ما تم التوافق عليه في الطائف من حيث حجم الدائرة الانتخابية والنظام النسبي وخلافه، لكن التوازنات الحزبية والسياسية والعسكرية التي انجبت الطائف قد تغيرت وحان الآن أوان البحث بعيدا عن صوت السلاح والشعور بالغبن، بعيدا عن دول الوصاية المختلفة.
 
ان ما هو حري بالبحث الفوري ، قبل قانون الانتخاب وشكله وقبل كل التفاصيل، هو قانون الاحزاب مهترئ الهرم ، تلك الاحزاب التي من المفترض ان تكون مركب الخلاص الذي يوصل الى بر الامان قبل البرلمان، بينما هي اما ادوات لمشاريع خارجية واما متاريس لطوائف ومذاهب، ناهيك عن كونها مناطق نفوذ خارجة عن الدولة في علاقاتها مع الناس في الداخل والخارج، في تمويلها ومصاريفها، في سلاحها وعتادها.
 
بالعودة الى دور رئيس المجلس ودوره وهواجسه، فان اجتياز المرحلة بسلام- على صعوبتها- لن يكون أهم وأحرى من استقبال مرحلة جديدة يتحمل القيمون على السلطة راهناً مسؤولية التأسيس لها ، ومجلس النواب هو السلطة الام في هذا المجال.
أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة