LTUTC : نعم نخاف على الضمان الاجتماعي وعلى مستقبل المضمونين -  اديب بو حبيب

 - Nov 21, 2013



  خمسون سنة مضت على وجود الضمان الاجتماعي 
كتبت مقالة ونشرت في مجلة الضمان الاجتماعي في العدد رقم 3 كانون الثاني 2005 بمناسبة طرح مشروع التقاعد و الحماية الاجتماعية تحت عنوان: " نعم نخاف على الضمان الاجتماعي وعلى مستقبل المضمونين"
نعيد نشره للاستفادة من الوقائع التي  تضمنها ، لانني متاكد بان الضمان لا يزال في دائرة الخطر، ويجب العمل من اجل الحفاظ على الضمان الاجتماعي كأهم مكسب حققته الطبقة العاملة بعد قانون العمل .
اديب بو حبيب            
امين عام اتحاد نقابات الطباعة و الاعلام 
 

  نعم نخاف على الضمان الاجتماعي وعلى مستقبل المضمونين

 

قبل البدء بمناقشة تفصيلية لمشروع " قانون التقاعد والحماية الاجتماعية " لابد من الاشارة الى انه في ظل العهد الحالي قدم مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية الاول عن طريق وزير العمل الاسبق ميشال موسى ، وارسل كمشروع من الحكومة الى مجلس النواب ، لكن عند تغيير الحكومة تم سحب المشروع المذكور من المجلس النيابي ، ثم وضع المشروع الحالي الجديد واقر في مجلس الوزراء بتاريخ 5/8/2004 مع الملاحظة ان كل مشروع جديد يقدم كان يحمل خفضا في التقديمات عن المشاريع السابقة والبالغ عددها اكثر من 15 مشروعا منذ سنة 1978 حتى الان .

     مبدأ التوزيع  

       لدينا في الحركة النقابية موقف واضح ، نريد قانونا للتقاعد والحماية الاجتماعية قائما على مبدأ التوزيع والتكافل الاجتماعي  وليس الرسملة .

      ان المشروع المطروح يقوم على نظامين توزيعي وترسملي ، نحن شكليا وجزئيا امام نظام توزيعي لكن فعليا امام نظام قائم على الرسملة .

      يحاول الكثيرون تسويق هذا المشروع على انه الافضل ، وذلك عبر وسائل الاعلام ، ومنهم الاستاذ ابراهيم مهنا الذي شارك في وضع المشروع ، وقد طرح في جريدة السفير في 6 اب 2004 معادلات متعددة لتبيان اهمية المشروع . حاولت دراسة هذه المعادلات وتبين لي انها  غير دقيقة ، يقول مثلا : " ان المائتي دولار والتي هي الحد الادنى للاجر يجمع صاحبها بعد ثلاثين عاما في الصندوق الجديد مبلغ ثلاثة وثلاثين الف دولار " وقد اجريت جملة من الحسابات ولم اتوصل الى هذا الرقم الذي لم يتعدّّ الخمسة عشر الف دولار . وهذا امر غريب من اين اتى الاستاذ مهنا بهذا الرقم؟ وهل الهدف منه تسويق المشروع واقناعنا بأن المعاش التقاعدي يبدأ كما قال ب246 دولار اميركي؟! اضافة الى انه وضع احتمال بأن الاجور ستزاد سنويا بنسبة 4% علما باننا جميعا نعرف بأن تصحيح الاجور متوقف منذ سنة 1996 والحد الادنى مضغوط نزولا.

      كما ان الاستاذ مهنا من خلال ارقامه  يفترض بأن العمر المرتجى هو 77 عاما بينما معلوماتنا والدراسات المتوفرة تقول بأن العمر المرتجى هو 72،6 سنة .

        تعديلات ضرورية 

       اذا نحن امام مشروع يحمل ايجابية اساسية وهي الانتقال من نظام تعويض نهاية الخدمة الى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية ، وان هذا المشروع بحاجة الى دراسة اكثر جدية من قبل الحركة النقابية ووضع التعديلات الضرورية عليه قبل اقراره النهائي في مجلس النواب .

      واذا كنا في الحركة النقابية نضع الملاحظات او التعديلات او ننتقد المشروع المقدم او المشاريع السابقة لا يعني ذلك بأننا ضد ايجاد قانون " لضمان الشيخوخة " بل لايجاد قانون عادل يلبي حاجة المضمونين . وقد تأكد ذلك من خلال مواقف الحركة النقابية التاريخية منذ ان وضع اول مشروع ، وتمسكها بثوابتها والتي سأعرض بعجالة بعض هذه المواقف والثوابت :

      اهتمام الحركة النقابية 

      1 – ان الحركة النقابية منذ اعادة تكوينها بعد صدور قانون العمل اللبناني سنة 1946 تناضل من اجل ايجاد قانون " لضمان الشيخوخة " وفي هذا الاطار لا بد من الاشارة الى انه في نهاية عام 1948 وبداية 1949 طرحت حكومة ما بعد الاستقلال مشروع قانون للضمان الاجتماعي ، على اثر ذلك عقد مؤتمر نقابي في 27 تشرن الثاني 1949 ضم 80 نقابيا لدرس ووضع الملاحظات على ذلك المشروع وخاصة على القسم المتعلق " بضمان الشيخوخة والذي جاء في صلب ذاك المشروع اّنذاك ، وقد ادخلت تعديلات هامة على ذلك المشروع ومن اهمها :

     " المادة السادسة التي تقضي بأن يساهم العامل بنسبة 4% من مجموع دخله . والمادة45 التي تتصل بأنه لا يحق للعامل الاستفادة من ضمان الشيخوخة الا بعد ان يكون قد دفع بدلات اشتراك عن عشرين سنة وبلغ من العمر الستين والمرأة خمسة وخمسون ، وضمانة الترمل ، ومعاش القصر عشر سنوات ( المادة واحد وخمسون ) والعجز ست سنوات ( المادة تسعة وثمانون ) والبطالة عشر سنوات ( المادة 99 ) وغيرها من المواد . وقد صدر خمسة مشاريع حتى سنة 1963 " *

(*) المرجع الياس البواري تاريخ الحركة العمالية والنقابية في لبنان  المجلد (2) الصفحة (80)

      2 – ان الحركة النقابية  اذا كانت حريصة على ايجاد ضمان للشيخوخة وناضلت وتناضل من اجله الا أنها في الوقت ذاته ليست مع ضمان مهما كان !! بل مع قانون للشيخوخة يحقق الاستقرار والامان الاجتماعي لمن افنى عمره في خدمة الوطن والشعب .

     3 – ان العمال والحركة النقابية متمسكون بمضمون المادة 49 من قانون الضمان الاجتماعي التي نصت على مايلي : " يعمل بتعويض نهاية الخدمة الى حين صدور قانون  " لضمان الشيخوخة " وها قد مضى "41" سنة على صدور قانون الضمان الاجتماعي ولم يصدر هذا القانون !! على الرغم من انه طرح حتى الآن أكثر من خمسة عشر مشروعا لضمان الشيخوخة " التقاعد والحماية الاجتماعية " .

     4 – ان  مشروع القانون المطروح " للتقاعد والحماية الاجتماعية " يقتضي دراسته بتمعن وادخال التعديلات الضرورية عليه لاْن في مواده الكثير من التناقضات وعدم الوضوح بألاضافة الى أنه لم يأتي ملبيا لما كانت تنتظره الحركة العمالية والنقابية، بل هناك مطبات خطيرة بامكانها اذا ما أقرت ان تدمر الضمان الاجتماعي بكامله والغائه كأهم مكسب حققته الطبقة العاملة بعد قانون العمل ، وابرز هذه المخاطر" انشاء مؤسسة عامة مستقلة " لادارته .

      5 – كثيرون من رجال القانون يقولون بأنه لا يجوز أن تكون للقوانين مفاعيل رجعية ، وهذه قضية مطروحة للنقاش بجدية .

       مبدأ التكافل الاجتماعي

      6 – واضح ان هذا المشروع قائم اساسا على قاعدة " الرسملة " وهذا ما رفضته الحركة النقابية سابقا لان في ذلك نسفا للمبدأ الاساسي ولفلسفة الضمان القائمة على التكافل والتضامن الاجتماعي . وفي هذا الاطار لا بد من الانتباه الى أن من وضع هذا المشروع يعتقد نفسه او " يعتقدون " بأنه منسجم أو " منسجمون " مع توجهات البنك الدولي  وواضح بأنه  او " بأنهم " لم يقرأو او " يقرأوون " الانتقاد الذي ساقه البنك الدولي نفسه بحق بعض الدول والحكومات حيث جاء " أن بعض الحكومات قد بالغت في تدابيرها الاقتصادية على حساب التقديمات الاجتماعية " .

        وفيما يلي  سنطرح بعض الملاحظات الاساسية على مواد مشروع القانون وهي :

       1- المادة -50 – 7 – الفقرة 3 – حدد المعاش التقاعدي بعد تعديله من قبل مجلس الوزراء بمائة وثمانون الف ليرة لبنانية ويزاد سنويا ب 1 % وهومبلغ هزيل جدا علما بأنه لا يجوز أن يتضمن القانون رقما ثابتا ، بأعتبار ان أية اعادة نظر في المبلغ المحدد يقتضي اصدار قانون جديد ، ونحن نعرف جيدا كم هي المعاناة والسنوات كي نتمكن من اصدار قانون جديد !!

           وكما هو واضح أن المشروع المقدم حدد حد ادنى غير كاف ، ولكن لا نعرف ما هو الحد الاقصى علما بأن جميع المشاريع السابقة المقترحة من ادارة الضمان او النقابات او خبراء منظمة العمل الدولية كانت تقترح أن لا يقل المعاش التقاعدي عن الحد الادنى للاجور والبعض منها حدد ان يكون بنسبة 2 % تراكميا حسب عدد السنوات وبحد اقصى 70 % او حتى 60 % .

         العدالة الاجتماعية  

         2 – الملا حظة في السياق نفسه المادة 50 – 7 – الفقرة 3 – كانت في المشروع قبل تعديله " قد حددت المعاش التقاعدي ب 60 % من الحد الادنى للاجور " ولكن لا نعلم ايضا اي حد ادنى سيعتمد هل هو الحد الادنى المعمول به حاليا أي 300،000 ليرة لبنانية ؟؟ ام ان الحد الادنى سيكون منسجما مع نص المادة "44" من قانون العمل اللبناني التي نصت على ما يلي : " يجب أن يكون الحد الادنى من الاجر كافيا لسد حاجات الاجير الضرورية وحاجات عائلته " لكن واضح تماما  من التعديل الذي جرى في مجلس الوزراء قد " حدد " المعاش التقاعدي ب 180،000 الف ليرة ولا يمت لا من قريب ولا من بعيد لما يسمى " بالعدالة الاجتماعية " .

         3 – المادة 50 -2 – الفقرة 3 – " كما لا يحق للمضمون اي معاش من هذا النظام في حال عودته للعمل بعد تصفية معاشه " .

             المادة 50 – 10 – " يتوقف معاش التقاعد اذا عاد المضمون الى العمل وطوال مدة هذا العمل اذا كان ما يتقاضاه من عمله يوازي او يزيد على ضعفي الحد الادنى الرسمي للاجور " .

           - واضح من هذا النص ان هناك تناقضا بين هاتين المادتين من ناحية يمنع ومن ناحية يسمح !!

           - مع العلم بأن رأي الحركة النقابية اولا : هو بأن الاموال هي ملك العامل وله في فترة التعاقد . الحق بها كاملة ، ثانيا : لا يعود العامل الى العمل بعد بلوغه السن الا اذا كان بحاجة ماسة للعمل .

         حق المضمون

        4 – المادة 50 – 2 الفقرة الاولى " ينتهي خضوع المضمون الى النظام حكما عند بلوغ الرابعة والستين مكتملة ويحق له تصفية المعاش عند بلوغ الستين من العمر مكتملة " .

      وقد جاء في المادة 50 – 7 – الفقرة الرابعة " يخفض الحد الادنى للمعاش التقاعدي بنسبة 2،5 عن كل سنة سابقة لبلوغه الرابعة والستين من العمر مكتملة " .

     ويأتي هذا النص ليخالف حق المضمون بكامل تعويضه عند بلوغه ال 60 أو ال 64 من العمر كما هو وارد في فرع تعويض نهاية الخدمة المعمول به حاليا .

        5 – المادة 50 – 7 – الفقرة الثانية " يمكن للمضمون المستحق للمعاش دون الخلفاء ، أن يطلب استبدال نسبة لا تزيد عن 10 % من مجموع حسابه الفردي شرط ان تخوله  المبالغ المتبقية في هذا الحساب الحصول على معاش لا تقل قيمته بعد الاستبدال عن ضعفي الحد الادنى الرسمي للاجور " .

        - ان النص الاساسي قبل اقراره في مجلس الوزراء لم تكن واردة فيه نسبة 10 % وطالما ان الشرط ضعفي الحد الادنى الرسمي للاجور هو شرط للاستبدال فلماذا حددت ب 10 % فقط علما بأن الاموال هي اموال المضمون !!

          التقاعد المبكر

          6 – المادة 50 – 7 – الفقرة الخامسة " يخفض بنسبة مقدارها 10 % الحد الادنى للمعاش التقاعدي المحدد في الفقرة "3" أعلاه ... بسبب التقاعد المبكر المنصوص عنه في المادة 50 – 3 – من هذا القانون " .

        ان المادة 50 – 3 – ( التقاعد المبكر ) " ان المضمون الذي يكمل الخامسة والخمسين من عمره ويكون في وضع جسدي او عقلي لا يمكنه من ممارسة عمله ... فيمكنه طلب تصفية معاشه التقاعدي حسب الاصول " .

      - الا يكفي هذا العامل بأنه مريض  بل يخفض معاشه التقاعدي 10 %  فأين التكافل الاجتماعي وأين العدالة الاجتماعية ؟؟

       7 – المادة 50 – 8 السطر الثاني – " ينبغي من اجل الاستفادة من نظام التقاعد أن يكون المضمون  مشتركا لمدة 20 سنة على الاقل في هذا النظام " .

        المادة 50 – 8 – " عند عدم توفر شروط سنوات الاشتراك تصفى المبالغ المستحقة للمضمون البالغ السن القانونية وتدفع له دفعة واحدة " .

       أ – هذا يعني العودة الى تعويض نهاية الخدمة !!!

       ب – في حال تصفية المبالغ المستحقة للمضمون ماذا سيكون مصيره  بالنسبة للضمان الصحي ؟ والذي اقتطع منه 2،5 % للضمان الصحي حسب المادة 54 – 1- البند (3) .

        8 -  المادة 52 – 2 – يوزع معاش  خلفاء المضمون على الشكل التالي :

        " 40 " % للشريك الباقي على الحياة .

       " 40 " % للاولاد مهما كان عددهم يوزع بالتساوي .

       أن التوزيع السابق حسب مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية الذي صدر بالمرسوم تحت رقم 4303 بتاريخ 25 /10 / 2000 المادة 52 – منه كانت على الشكل التالي :

      " 50 " % للزوج او الزوجة ..." .

      " 50 " % للاولاد ... " .

      لماذا هذا التغيير في النسب اذا كانت صحيحة واذا كانت المشاريع تستند الى دراسات علمية ؟ وماذا قد جدّ بين سنة 2000 و 2004 ؟؟!!

      9 – المادة 53 – " يخضع صاحب المعاش الذي اتم الرابعة والستين وصاحب معاش العجز واصحاب المعاش من خلفائهما المحددين في الفصل الرابع من هذا النظام لفرع ضمان المرض والامومة ..." .

      - واضح من هذا النص بأنه يخضع صاحب المعاش اذا أتمّ الرابعة والستين ، ولكن جاء في المادة 50 – 2-     " ينتهي حكما انتسابه في سن " 64" ويحق له طلب التصفية في سن " 60 " .

      - هل يعني ذلك بأنه سيحرم من الاستفادة من ضمان المرض والامومة لانه طلب التصفية قبل  ال " 64 "؟؟

      تحديد الاشتراكات  

     10 – المادة 54 – 1 – الفقرة ( 4- أ )

      تحدد الاشتراكات كما يلي :

      " 12،25 على عاتق اصحاب العمل " .

      " 5 % على عاتق الاجير " .

      أ – من الوضح أن الاشتراك سيكون 17،25 % وأن اشتراك العمال 5 % فيعني ذلك انه سيصبح على العامل 7 % اذا اضفنا عليه اشتراك المرض والامومة ويعتبر هذا الرقم عاليا بالنسبة لاصحاب معاشات الحد الادنى للاجور .

     ب – ان سائقي ومالكي السيارات العمومية والبالغ عددهم 43000 سائق رقم غير واضح ومبهم كيف سيطبق عليهم هذا القانون ومن سيدفع عنهم الفرق بين 17،25 وال 8،50  التي يدفعها السائق حاليا .

     ج - كيف سيطبق ذلك على عمال الافران وبائعي الصحف ومن سيسدد الفروقات ايضا ؟؟ .

     11 – المادة 54 – 2 –الفقرة الاولى " ان اشتراكات ضمان المرض والامومة هي على عاتق اصحاب المعاش وصندوق التقاعد والحماية الاجتماعية والدولة " .

    - من خلال هذا النص غير واضح ما هي مساهمة الدولة ؟ هل نحن امام نص يعفي الدولة كراعية اجتماعية من مساهمتها بنسبة 25 % من قيمة التقديمات الصحية التي نصت عليها المادة 73 من قانون الضمان الاجتماعي  الفقرة ( 2 ) ألا وهي : ان اشتراكات ضمان المرض والامومة هي على عاتق المضمونين وارباب عملهم  والدولة وتأخذ الدولة على عاتقها 25 % من قيمة التقديمات المتعلقة بالضمان المذكور " .

        مصير العامل 

      12 – المادة 54 – 3 – " اضافة الى المادتين 79 و 80 تفرض على صاحب العمل الذي يتخلف عن تسديد الاشتراكات في المهل المحددة نظاميا او يحتجز بغير حق الاشتراك المحسوم من اجر او كسب الشخص الخاضع لنظام التقاعد والحماية الاجتماعية نسبة 10 % شهريا من مجموع الاشتراكات المستحقة على أن لا تزيد عن ثلاثين بالمئة من هذا المجموع " .

      - واضح من هذا النص بأنه يلحظ العمال المصرح عنهم للصندوق ، ولكن عندنا مشكلة كبيرة وهي أن نسبة 50 % من العمال هم مكتومون عن الضمان الاجتماعي وأن العديد من هولاء العمال يلجأ الى مجالس العمل التحكيمية لتحصيل تعويض نهاية الخدمة  ، مع ما هنالك من صعوبات لاصدار الاحكام والتي تتأخر اكثر من سنتين أو ثلاثة  .

       فكيف سيكون مصير هؤلاء العمال وكيف ستكون علاقتهم بصندوق التقاعد والحماية الاجتماعية وبألاحرى كيف سيستفيدون من هذا النظام ؟؟!!

      هذه بعض الملاحظات على مواد مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية وربما هناك ملاحظات اكثر من ذلك ، والمطلوب من الحركة النقابية والاتحاد العمالي العام خاصة أن تدرس بدقة هذا المشروع وعرضه على مؤتمر عام للحركة النقابية ومؤسسات المجتمع الاهلي لان مفاعيل هذا القانون ستستمر ربما لاكثر من خمسين او مائة سنة .

      مؤسسة مستقلة

      أما أخطر ما جاء في قرارات مجلس الوزراء هو انشاء " مؤسسة عامة مستقلة " لادارة هذا القانون.

      اقول أخطر لان هذا القرار لم يأت صدفة ويحمل في طياته جميع النوايا السابقة والحالية لتصفية الضمان الاجتماعي كمؤسسة وطنية اجتماعية شاملة ، وتحويلها بشكل او بأخر الى القطاع الخاص وتلزيم تقديماته الى الشركات الخاصة ، وأن ما أقوله ليس تجنيا على أحد وليس ضرب في الغيب بل أن الوقائع المتوفرة لديّ تؤكد ما أقوله ، وسأعرض المواقف والنوايا المشار اليها  بالوثائق المتوفرة ، وأترك للقراء الكرام والمهتمين بهذا الموضوع الحكم على صحة ذلك أو عدمه  .

     اولا :  بتاريخ 16/8/1995 في محضر مجلس الوزراء رقم 12 رقم القرار 16 جاء ما يلي :" قرر المجلس تكليف لجنة  وزارية برئاسة وزير الصحة العامة وعضوية كل من السادة وزير العمل ، وزير الشؤون البلدية والقروية ، وزير الدولة للشؤون المالية ، ووزير الاقتصاد والتجارة ، وذلك لدرس الموضوع وبحث امكانية الاتفاق مع شركات التأمين لتحل محل الدولة في تقديم خدمات الاستشفاء والطبابة " .

     ثانيا : عندما تمّ طرح انشاء مناطق صناعية حرة " طرح اعفاء المؤسسات الصناعية في المناطق الحرة من تسجيل عمالها في الضمان الاجتماعي " كما طرح هذا الموضوع مجددا في مشروع موازنة 2005 ( ادخال تعديل على المادة 9 من قانون الضمان ) .

     ثالثا : نشر في جريدة المستقبل العدد 576 تاريخ 8 اذار 2001 بعد خلوة فقرا بين الرئيسين نبيه بري والحريري ما يلي : " جرى التوافق في خلوة فقرا في هذا المجال وما يشكل من افكار للبحث في مجلس الوزراء أن التركيزالمباشر سيكون على تقويم وضع شركة " الميدل ايست " من خلال اعفائها من الديون المترتبة عليها للضمان الاجتماعي " ... وقد جاء ايضا في العدد نفسه عن خلوة فقرا " فقد افادت معلومات متاقطعة أن البحث تناول وضع الضمان الاجتماعي وكان توافق على اعادة النظر بقانون الضمان بحيث يتم تأسيس ضمانين منفصلين : "الضمان الاجتماعي والضمان الصحي " .

       - وقد أرفق بعد تلك الخلوة بفترة بتصريح من رئيس الحكومة : "بأننا ندرس امكانية اعفاء المؤسسات من ألاشتراكات المتأخرة " وقد جاء هذا التصريح بعد تخفيض الاشتراكات في فرعي المرض والامومة والتعويضات العائلية من 30% الى 15% وقد عارض هذا  التصريح والموقف اي الاعفاء من الاشتراكات العمال واصحاب الاعمال الا ان مفعول هذا التصريح ادى الى تمنع اصحاب الاعمال عن دفع الاشتراكات بأنتظار الاعفاء من الاشتراكات المتأخرة ، مضافا اليها عدم دفع الدولة لمستحقات الضمان من الاشتراكات عن عمالها ومساهمتها في الضمان الصحي والبالغة حوالي 900 مليار ليرة مما الحق اكبر الضرر بوضع الصندوق الذي يعاني حاليا من عجز كبير في فرعي المرض والامومة والتعويضات العائلية .

     رابعا : نشرت جريدة المستقبل في عددها الصادر بتاريخ 17 اذار 2001 على اربع اعمدة ما يلي : " المنتدى العربي للتأمين اختتم اعماله – التوصيات لاحقا " ، " الاقتصاد تخطط لتوسعة دور التأمين مقابل الحد من دور الضمان الاجتماعي" واضافة ايضا في العمود الاول " وأشار فليحان الى انه يؤيد توسيع دور شركات التأمين مقابل الحد من دور الضمان الاجتماعي " .

     مواقف .. مواقف 

    خامسا : عقد اجتماع في وزارة المالية في بداية سنة 2001 بدعوة من الدكتور غازي يوسف وحضره عدد من المستشارين بالاضافة الى : انطوان واكيم ، رفيق سلامه ، واديب بوحبيب وآخرون وقد تحدث وزير المالية الوزير السنيورة وقد جاء في كلمته ما يلي : " اصبح الضمان الاجتماعي حائلا دون وجود فرص عمل ويشجع على ايجاد عمالة اجنبية -  ضرورة حل مشكلة الاشتراكات القديمة والتسويات وترتيب الوضع المستقبلي  بخصوص التسويات في نهاية الخدمة – الشيخوخة الاتجاه لايجاد نظام رسملة – التعويض العائلي ضرورة تخفيض الاشتراكات عن اصحاب العمل – ضرورة البحث في امكانية خصخصة الضمان الصحي " .

     سادسا : نشرت جريدة المستقبل بتاريخ 29 / 6 / 2002 نص المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود وقد جاء فيه ما يلي : " دراسة امكانية خصخصة التقديمات وتحويل الضمان الاجتماعي الى هيئة رقابة على مؤسسات القطاع الخاص المرخص لها بتقديم  الخدمات التي تقدمها حاليا مؤسسة الضمان الاجتماعي الى المضمون " .

     سابعا :  ألم تحاول الحكومة اجراء تعديل على قانون الضمان الاجتماعي وذلك من خلال فذلكة مشروع الموازنة  العامة سنة 2003 وذلك باعفاء الدولة من المساهمة ب 25 % من كلفة الضمان الصحي حسب المادة 73 ضمان ؟

      نعم هذه هي المواقف الرسمية وغير الرسمية بالنسبة للضمان الاجتماعي ،وما يفكر به ويخطط له . واذا نجح هذا المخطط اي بتلزيم الضمان الصحي لشركات التأمين ، والتقاعد والحماية الاجتماعية لمؤسسة عامة  ومستقلة ، فلا يبقى في الضمان الا طواريء العمل غير المنفذ حتى الان ، والتعويض العائلي الذي يدفع حاليا لحساب الصندوق من قبل صاحب العمل مباشرة وتجري مقاصة عليه لاحقا – فبذلك تأتي الحجة الاخيرة وهي بأنه لا ضرورة لابقاء الضمان الاجتماعي وهذه هي الاهداف الحقيقية لكل هذه المشاريع !!!

      معاناة ... المؤسسة العامة

      اما القول بأن الضمان الاجتماعي بحاجة  لاصلاح ولا يمكنه ادارة التقاعد والحماية الاجتماعية فهو كلام حق يراد به باطل ، نقول لهؤلاء نعم الضمان الاجتماعي بحاجة الى الاصلاح وبحاجة لتطوير انظمته ،وتفعيل دوره ، وتحديث اساليب العمل فيه ، ولكن نقول لهم : بالله من هو الذي يعرقل الاصلاح في الضمان اليس السياسيون والحكام انفسهم من خلال تدخلاتهم المباشرة بكل شاردة وواردة في الضمان ، من التوظيف الى المحاصصة الى حماية الفساد وتشجيعه ، الى عرقلة كل امكانية للاصلاح ؟؟!! هل هذا هو المبرر لفرط الضمان الاجتماعي اليسوا هم ( المسؤولين ) أولا وآخيرا من اوصل الضمان الى ما وصل اليه حاليا ؟؟ هل نعالج المرض بقتل المريض ؟؟!!

       من قال ايها السادة بأن المؤسسة العامة هي الافضل وهي الحل اليس جميع الوزارات في الدولة تعاني مما يعانيه الضمان بل وأكثر ؟! هل يكون الحل بأيجاد مؤسسة عامة مستقلة الى جانب كل وزارة ؟؟!!

       اننا شاهدنا نموذجا عن المؤسسة العامة المستقلة " المكتب الوطني للدواء " الذي عين على رأسه الدكتور قاسم حماده رئيسا لمجلس الادارة مديرا عاما ورصد لهذا المكتب خمس مليارات ليرة وشكل له مجلس ادارة وقد تمثل الضمان باثنين من مجلس الادارة في مجلس ادارته ، الا انه بعد مضي ثلاث سنوات على أنشائه تبين ان هناك خللا ما ، فأستقال مجلس  الادارة وانتهى المكتب الوطني منذ سنة 1997 كمؤسسة مستقلة عامة ولم يسأل عنه احد لا النواب ولا النقابات ولا المواطنون ولا الحكومات المتعاقبة . علما بأنه لو تيسر لهذا المكتب من العمل لخفف من فاتورة الدواء على الدولة وعلى الجهات الضامنة بحدود 40 الى 60 % من هذه الفاتورة. لا يا سادة ليست المؤسسة العامة المستقلة هي البديل ، بل بالنظر الى الضمان الاجتماعي كأهم مؤسسة اجتماعية وطنية وصيانتها وحمايتها من تدخلاتكم التي اوصلتها الى ما هي عليه !!

       اخيرا نعم نحن نخاف على الضمان الاجتماعي وعلى مستقبل المضمونين .

 

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة