قواعد سلوكية للمنظمات

 - Jul 26, 2012



مقدمة
تتضمن هذه الورقة مجموعة من القواعد السلوكية التي من المفترض أن تكفل ممارسة نقابية حرة، ديمقراطية وفعّالة. وضعت هذه القواعد السلوكية تحت عنوان "سلوك مدون" وليس "مدونة سلوك" للدلالة على أمرين:

- تمايز مفهوم هذه الورقة عن مفهوم مدونات السلوك المعتمدة عادة في المؤسسات الاقتصادية بشكل عام والمؤسسات المتعددة الجنسيات بشكل خاص.

- شمول الورقة لقواعد سلوكية جرى اختبار فعاليتها في الممارسة النقابية حول العالم وهي مدونة هنا بصفتها هذه وليس كمعايير مثالية يجب الاقتداء بها فحسب.
تركّز الورقة على سلوكيات المنظمة النقابية ولا تعنى بسلوكيات أعضاء المنظمة إلا عرضًا واستطرادًا. والسلوك مأخوذ هنا بمفهومه الواسع الذي يشمل الموقف والقناعة الى جانب الممارسة.

تخاطب الورقة الأجراء العرب، عمالاً ومستخدمين، أعضاء في النقابات العمالية أوغير منتسبين اليها. وتتوخى من خلال مخاطبتهم حثهم على قراءة الواقع النقابي العربي بالاستناد الى قواعد سلوكية محددة، والعمل على تطوير الحركة النقابية العربية باتجاه المزيد من الحرية والديمقراطية والفعالية. يمكن لهذه الورقة أن تتحول الى وثيقة مرجعية اذا ما وافق عليها عدد من النقابات العربية، بعد مناقشتها وتطويرها.

كان أمام الورقة ان تختار بين مقاربتين: مقاربة تكتفي بجمع المبادئ العامة، الحقوقية على وجه التحديد ومقاربة تتجاوز الحقوق الى الممارسة الفعلية المتشعبة. المقاربة الأولى يسهل الاتفاق على مبادئها ولا تخضع كثيرًا للظروف الخاصة في المناطق الجغرافية والبلدان، لكنها ليست ذات فائدة عملية في تحليل الواقع والعمل على تطويره. المقاربة الثانية بالمقابل، تتضمن الحقوق الى جانب الممارسات الفعلية، وهي تصلح بالتالي كأداة معيارية لرصد الواقع وآفاق تطويره، لكنها بسبب ذلك تطرح على بساط البحث صلاحية القواعد السلوكية المختارة وامكانية تطبيقها في مختلف الانساق والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لقد اخترنا المقاربة الثانية مع محاذيرها وندعو الى استخدام القواعد السلوكية أدناه كأداة معيارية، قابلة للتعديل نتيجة تفاعل دينامي جدلي بينها وبين الواقع الذي يجري تطبيقها عليه. وهي ستكون مناسبة لمناقشة جدية لمقولة "الخصوصية العربية" على المستوى النقابي، وهي مقولة غالبًا ما تطرح لتبرير الواقع القائم ورفض المشاريع لتطويره. مع الاشارة الى أن القواعد السلوكية المطروحة، وكذلك مناقشتها، يجب أن توضع في إطارها الزمني الذي يتميز بعولمة الاقتصاد وما يترتب عليه من انعكاسات على مختلف المستويات.

لأسباب عملانية، تفتقد الورقة الحالية للخلفيات النظرية والبراهين الميدانية التي تعلل وتدعم لائحة القواعد السلوكية بمضمونها وترتيبها. رغم ذلك حاولنا حيث أمكن التمهيد لعرض القواعد السلوكية بالاشارة الى بعض المصادر التي ترتكز عليها. ونحن نعوّل على مناسبات أخرى، ينظمها المشروع، للتوسع بالموضوع بخلفياته ومدلولاته.
يمكن التطرق الى مجمل القواعد السلوكية للمنظمة النقابية من خلال ثلاثة مفاهيم: حرية المنظمة، ديمقراطية المنظمة، فعالية المنظمة. للمفاهيم الثلاثة، إضافة لقدرتها الاستيعابية لمختلف القواعد السلوكية، ثلاث مميزات:
- الميزة الأولى في أنها متداولة في الاوساط النقابية وهي بالتالي تسهل النقاش لا بل تعطيه بعض الحماسة والاندفاع،
- الميزة الثانية في أنها قابلة للاستخدام من خلال معايير ومؤشرات واضحة وملموسة،
- الميزة الثالثة، في أنها في علاقة متبادلة وجدلية مع بعضها البعض، مما يسمح بربط العناصر المختلفة في اطار من الشمولية:

فمقاربة القواعد السلوكية من منظار فعالية المنظمة سيحيلنا حكمًا الى حرية الأعضاء (أفراد ونقابات) والى حجم ومستوى مشاركتهم (ديمقراطية التنظيم).
كما أن مقاربة القواعد السلوكية من منظار ديمقراطية المنظمة سيرجعنا لزامًا الى حرية التنظيم وفعاليته. فالتنظيم لا يمكن أن يكون ديمقراطيًا اذا لم يكن مستقلاً عن الخارج كما أنه لن يكون هناك من فائدة بالمفهوم النقابي لهذه الديمقراطية اذا لم تكن قادرة على التحرك والفعل (الفعالية).


وأخيرًا ان مقاربة القواعد السلوكية من منظار حرية المنظمة سيدفعنا بالضرورة الى التساؤل عن مدى قدرة هذه القواعد على توفير مجال التعبير عن هذه الحرية بطريقة ديمقراطية وعن الوسائل الفعالة الكفيلة بإيصال هذه الحرية الى مبتغاها.

أولاً: حرية المنظمة النقابية


يستند هذا النص الى مفهوم منظمة العمل الدولية للحرية النقابية المعبر عنه في الاتفاقيات الدولية (ولا سيما رقم 87، 98، و135) وفي الاجتهادات التي أصدرتها المنظمة حول هذه الاتفاقيات. خيارنا ينبع من اعتبارات عدة:
- عالمية المفهوم وتناسبه مع التنوع والاختلاف القائمين في مختلف البلدان في العالم،
- قابلية المفهوم للتطبيق عبر معايير محددة تنص عليها الاتفاقيات،
- توفر الاجتهادات من قبل منظمة العمل الدولية (لجنة الحريات النقابية مثلا) حول معنى المفهوم وتطبيقاته.
- امكانية استخدام المفهوم، بمرجعيته القانونية الدولية، من أجل تعديل التشريعات الوطنية المخالفة.

تعتمد المنظمة النقابية القواعد السلوكية الكفيلة بممارسة الحرية النقابية وذلك من خلال:

1 – الالتزام بالحقوق النقابية المجسدة للحرية النقابية كما نصت عليها الاتفاقيات الدولية وأهمها:
- حقوق العمال أجمعين، دون أي تمييز أو تفرقة أيا كان نوعها في تشكيل التنظيمات والانضمام إلى تلك التي يختارونها (حق التعددية النقابية) دون الحاجة إلى تصريح مسبق.
- حق النقابات في وضع الدساتير واللوائح الخاصة بها، وانتخاب ممثليها بكل حرية وتنظيم إدارتها وأنشطتها وبرامجها دون أي تدخل من السلطات الحكومية.
- حق النقابات في الانضمام معاً في اتحادات قطاعية أو جغرافية أو وطنية وحق أي منها في الانضمام إلى التنظيمات النقابية والدولية دون الحاجة الى تصريح مسبق.
- حماية النقابات من الحل أو الإيقاف بموجب قرار إداري.
- حق النقابات في توفير الحصانة لمقارها وتأمين مراسلاتها واتصالاتها الهاتفية.
- حماية العمال من القرارات والأفعال المناهضة للنقابة في مجال عملهم.
- حماية النقابات من أي تدخل من جانب أصحاب الأعمال في عملية تشكيلها وسير عملها وإدارتها.
- حق حماية الأموال والأصول الخاصة بالنقابات ضد أي تدخل من السلطات الحكومية.
- حق النقابات في المفاوضة جماعياً على تنظيم شروط وظروف العمل وغيرها من القضايا التي تؤثر على حياة أعضائها.
- حق النقابات في ممارسة أنشطتها داخل الشركة وفي مقر العمل.
- حماية الممثلين النقابيين من أي تصرفات يمكن أن تسيء اليهم (قرارات تعسفية من الادارة) لقيامهم بأعمال تتفق مع ممارستهم لحقوقهم النقابية.
- حق العمال ونقاباتهم في الاضراب كوسيلة للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية.

2 – العمل على المصادقة، من قبل السلطات المعنية، على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحرية النقابية
3 – العمل على تعديل التشريعات الوطنية، بما يتوافق مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحرية النقابية.
4 – ممارسة الحقوق التي يشملها مفهوم الحرية النقابية،
5 - العمل على تقديم الشكاوى الى منظمة العمل الدولية، في حال تعرض هذه الحقوق للانتهاك من قبل الدولة أوأصحاب العمل أوأي طرف خارجي،
6 – اتخاذ جميع القرارات باستقلالية تامة عن أي طرف خارجي (ولا سيما الدولة، أصحاب العمل، الأحزاب السياسية) والعمل على ازالة كل العوائق (القانونية وغير القانونية) التي تحول دون ممارسة هذه الاستقلالية. إن قرارات المنظمة النقابية يجب أن تكون تعبيرًا حرًا عن توجهات الأعضاء، وهذا لا يتم الا اذا كانت النقابة ديمقراطية. من هنا العلاقة الوثيقة بين مبدأ الحرية (والاستقلالية) ومبدأ الديمقراطية.
7 – الالتزام بالحريات والحقوق الفردية والعامة المنصوص عنها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهديين الدوليين، والعمل على تأمينها وحمايتها كاساس حقوقي للحريات النقابية.

ثانياً: ديمقراطية المنظمة النقابية

على عكس مفهوم الحرية، لا يوجد مفهوم معتمد دوليًا لديمقراطية المنظمة النقابية. المفهوم الذي نعتمده هنا يستمد عناصره من عدة مصادر: مبادئ الديمقراطية السياسية، الديمقراطية النقابية كما جرى تجسيدها في الانظمة الداخلية للنقابات، نقد الديمقراطية كما جرى تطبيقها في المنظمات النقابية من منظار المشاركة الفعلية للأعضاء في اتخاذ القرارات، الديمقراطية كآلية لاحترام حقوق الأقليات او الفئات المهمشة وضمان تمثيلها.

تعتمد المنظمة النقابية القواعد السلوكية الكفيلة بارساء الديمقراطية داخل هياكلها ومن هذه القواعد:

1 – توسيع قاعدة الانتساب وزيادة نس

أضف تعليقك





الرئيسية
من نحن
استشارات
مواقع صديقة
فئات خاصة
أراء ,مقالات و تحقيقات
دراسات ومؤتمرات
القطاع التعليمي، التربوي، الصحة و الدواء
النظام الداخلي للمركز



يوجد حاليا

زائر حالياً  
© جميع الحقوق محفوظة جمعية المركز اللبناني للتدريب النقابي

إن الآراء الواردة في الموقع تمثل أصحابها وليس بالضرورة رأي الجمعية
تصميم و برمجة